باشر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" عمليات احراق المئات من الكتب الثمينة لمكتبات عراقية، وسط غضب شعبي وصمت المنظمات الإنسانية والمدنية.
بغداد: أقدم التنظيم على حرق العشرات من الكتب الادبية في المكتبات الخاصة والجامعية داخل مدينة الموصل (محافظة نينوى الشمالية) وقضاء المقدادية (محافظة ديالى الشرقية) أمام جموع الناس الذين لا يجد بعضهم إزاء ذلك إلا استنكار الصامت خوفًا من بطش التنظيم، وحيث صار من الطبيعي أن يشاهد العراقيون مئات الكتب، وهي تحرق وسط الشوارع أو في حاويات حديدية.
واشار مواطنون في مدينة الموصل الى أن عناصر داعش أقدمت على جمع الدواوين الشعرية والروايات وغيرها من المؤلفات الأدبية من المكتبات الخاصة في منطقة المجموعة الثقافية وعمدت إلى حرقها جميعًا أمام انظار الناس شمال المدينة .. فيما أفاد مصدر محلي في محافظة ديالى بأن تنظيم "داعش" احرق أكثر من ألف كتاب صادرها أثناء عمليات تفتيش لمنازل سكنية في شمال قضاء المقدادية لأن هذه الكتب تحمل مضامين ادبية وشعربة وعلمية ودينية مختلفة في اطراف منطقة الزور شمال قضاء المقدادية، كان قد جمعها اثناء عمليات التفتيش والتمشيط لمنازل سكنية في قرى شمال القضاء.
ويبرر تنظيم (داعش) احراقه لهذه الكتب لاحتوائها على مواضيع وافكار تعارض منهجة وسط تحذيرات اطلقها التنظيم من مغبة الاحتفاظ بأي كتب من هذا النوع.
صور تصعق
وأكد مواطنون موصليون في تعليقات لهم على مواقع فايسبوك أنهم شاهدوا عناصر من داعش أحرقوا كتباً تاريخية وأثرية تتناول الفلسفة وعلم الاجتماع والدين والتاريخ والعلوم، إضافة إلى المجلات العلمية المتخصصة بتقنيات وبرامج الكمبيوتر، مرددين هتافات توحي وكأنهم أنجزوا أمرًا عظيمًا.
فيما أشار مواطنون من بغداد الى أنهم صعقوا لمجرد أن شاهدوا بعض الصور لحرق الكتب ولم يحتملوا النظر اليها لأنها مؤلمة خاصة وأن هذه الكتب تمثل التراث والتاريخ العراقي. مؤكدين أنه لا فرق بين حرق الكتب التي يقوم بها تنظيم داعش وما قام به المغول من رمي الكتب في نهر دجلة.
كارثة
وقد استنكر سمير عبد الله، طالب في كلية الإعلام، هذه الأفعال والصمت إزاءها، وقال: "يبدو أن الصفحة الثانية لداعش بعد تهديم الآثار وتحطيمها هي حرق الكتب ، وانا اعرف أن الكتاب هو الاكثر خطراً على الجهلة والظلاميين لانه نور، وللاسف أن هذه العمليات تتم وسط صمت حكومي وشعبي، فلم اسمع ادانات لا من الداخل ولا من الخارج ، فأنا اعرف لماذا داعش يحرق الكتب، لانه يريد الاستمرار في الاثارة وزرع الرعب في قلوب الناس، وكذلك في اعلانه للعالم كله انه تنظيم قذر وبشع".
وأضاف: "قرأت في بعض المواقع أن عصابات داعش أحرقت أكثر من 6000 كتاب ديني وتاريخي وعلمي وثقافي، فضلاً عن مخطوطات فلسفية واجتماعية قديمة تعتبر جزءًا من إرث الموصل الحضاري، وانها حرقت الاف الكتب في محافظة ديالى، أنا أتألم جدًا لهذا لأنه تراث العراق، لا تسألني ما الذي على الحكومة أن تفعله لانني لا اعرف ولكن اتمنى ان تكون هناك صرخات ضد هذه الافعال الاجرامية لكي نؤكد فقط ان الكتب لها مقام رفيع ومكانة سامية عند الشعوب.
شهداؤنا الجدد
من جانبه، اشار الصحافي علي البدراوي الى بشاعة جريمة حرق الكتب التي وصفها بالشهداء الجدد، وقال : مغول العصر (داعش) يجمعون كتب ونفائس مجلدات المكتبة المركزية في الموصل تمهيدًا لحرقها، ويقومون بحرقها امام الناس، ومن هذا فإن تنظيم داعش يريد ان تكون الموصل مدينة غارقة في الجهل والظلام، فهذا التنظيم الارهابي يعتبر هذه الكتب خطرًا على وجوده، لأن بين الكتب التي احرقها كتباً بالضد من فتاويه وتصرفاته وإرهابه.
وأضاف: "للأسف غاب صوت الوعي والثقافة امام نبرة الجهل والتخلف والانحلال الديني المقيت الذي يسخر كل وسائل الحضارة من اجل النيل منها.. أرثي شهداءنا الجدد".
استهتار بقيم البشر
اما الشاعرة بلقيس حميد حسن، فقد استغربت ما يحدث صارخة بقولها أي وجع هذا وأي صمت حقير في العالم !، وقالت: داعش تحرق كتب مكتبات الموصل في الحاويات والعالم لا يلتفت لهذا الخراب وهذا الاستهتار بقيم البشر جميعها، تقتل الرياضيين وترجم النساء لرفضهن جهاد النكاح والعالم مازال في السير كالسلحفاة للقضاء على هذه الوحوش المدمرة لكل شيء!.
وأضافت متسائلة: "أين أصحاب الثقافة في العالم؟ أين أهل الحقوق وكل المتشدقين بالعدالة الانسانية بين البشر؟ ألا من راد لهذا الوجع عن المسبيين من ضحايا داعش؟ أين من يدعون الحفاظ على قيم الدين الصحيحة؟".
وتابعت: "كل شيء كذب وكل شيء عبث في زمن الانحطاط والخيانات..، عالم يريد لنا جميعا أن ننتهي كعرب، ومازال التخلف والجهل والحقد ينخر العقول والقلوب ليصبح موتنا على أيدينا..،وأعود لأكرر شعر المعري: (فيا موت زر إن الحياة ذميمة ، ويانفس جدي إن دهرك هازلُ..)".
- See more at: http://www.elaph.com/Web/Culture/2015/1/976009.html?entry=literature#sthash.J01ks5zU.dpuf
0 التعليقات :
إرسال تعليق