ربيع الشّعر المغربي تحية للشَّاعِر عبدالرفيع جواهري
عَمِلَ الشُّعراء المغاربة، من جيل الستينيات، وبعض
شُعراء جيل السبعينيات، ممن جايلوا هذا الرَّعيل من «رواد الشِّعر الحر» أو « القصيدة
المعاصرة»، على وضع الشِّعر المغربي، في سياق ما كان تَحقَّق في المشرق العربي، من
خروج على النموذج التقليدي، الذي كان تكرَّسَ مع شوقي وحافظ إبراهيم في مصر، ومع محمد
مهدي الجواهري، بشكل خاص في العراق، وقبله مع جميل صدقي الزهاوي، ومعروف الرصافي، وغير
هؤلاء ممن كانت «القصيدة العمودية»، وفق الاصطلاح السَّائِد، هي ما اخْتُزِل فيه الشِّعر
العربي، بغض النظر عما حقَّقَته القصيدة الرومانسية، من اختراقات، كانت بمثابة النافذة
التي أشْرَعتِ الشِّعْرَ العربي على رياح التغيير.
ضمن هؤلاء كان عبد الرفيع جواهري، واحداً ممن حرصوا
على كتابة «قصيدة»، رغم حفاظها على «التفعيلة»، وعلى «القافية»، ببعض تنوُّعاتِهما،
ذات منحًى جديد، مغايِرٍ للشكل التقليدي، الذي ظل وَفِيّاً لِلْبَيْتَيْن المُتقابِليْن.
ليس هذا ما قامَ به هؤلاء، بل إنَّ الشِّعر، عندهم،
خرج من غَرَضِيَتِه القديمة، لم يعد شِعْرَ مدح ولا شِعرَ رثاء وغزل، وغيرها من الأغراض
المعروفة، فالشَّاعر انْتَبَهَ للدور الذي يمكن أن يلعبه الشِّعر في القضايا الاجتماعية
المُلِحَّة، التي عرفها المغرب، بشكل خاص، بعد الاستقلال.
كان عبد الرفيع جواهري من بين هؤلاء الشُّعراء الذين
انخرطوا في كتابة شعرٍ بمعايير مُغايِرة للنمط التقليدي، كما أنَّه ارتبط بطبيعة الغَليان
السياسي الذي عرفه المغرب إبَّان هذا التاريخ، فكان شعره مُنْخَرِطاً في هذا الواقع،
رغم أنَّ عبدالرفيع، سيكتب قصائد ذات طابع رومانسي غنائي أصبحت بين عيون الشِّعر الغنائي
في المغرب. لكن، رغم هذه المُزاوَجَة، بين صيغتين في الكتابة وفي التعبير، فشعرية الكتابة
عند عبد الرفيع، كانت ذات رِقَّة خاصَّة، لم تتنازل عن أناقة العبارة، وتموُّجات الإيقاع
الذي استند على التفعيلة، وعلى التَّجاوُرات الحَرْفِيَة، وطبيعة اللفظة التي كان يختارها
جواهري لتضمن غنائية الجملة وسَلاسَتَها، حتى في القصيدة ذات المنحى الثوري التحريضي،
أو الاحتجاجي بالأحرى.
احتفاءً بالشِّعر المغربي، وتقريب الأجيال الجديدة
من تجارب الأجيال السابقة، يستضيفنا عبد الرفيع جواهري في ملتقى الثقافات والفنون،
لنستمع له، ونُصافِحَه، لِنُحَيِّيه على تجربته التي هي بين التجارب المغربية المعاصرة
التي لا يمكن الحديث عن الشِّعر المغربي دون استحضارها.
يُشارك في تحية عبد الرفيع جواهري، كل من الشَّاعِريْن
صلاح الوديع وعبد الحميد جماهري. لحظة لقاء، واعتراف، وتقدير وتثمين لِما فتحه هؤلاء،
لنا، من طُرُق، في التخييل وفي الكتابة، وتحديداً في الاختيارات الشِّعرية ذات المنحى
الحديث، الذي سيتوسَّع مع الأجيال القادمة، وستتنوع أشكاله، وتكبر رهانتُه.
ملتقى الثقافات والفنون بالمحمدية
0 التعليقات :
إرسال تعليق