الناقد والصحفي السينمائي أحمد سيجلماسي ل " التجديد " : حاوره : محمد لغروس



ينبغي اعادة النظر في سياسة الدعم السينمائي واحداث أشكال متنوعة منه .
أجرى الصحفي بجريدة " التجديد " محمد لغروس ، على هامش الدورة 15 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة ، حوارا مع الناقد والصحفي أحمد سيجلماسي نشر يوم الاثنين 24 فبراير 2014 بصفحة " فن واعلام " . فيما يلي نص الحوار :
س : بالنظر لاشتغالك في مجال النقد السينمائي وفي صلة بواقع النقاد السينمائيين بالمغرب اليوم، هناك من يلاحظ نوعا من التراجع في مستوى وحجم النقاد ، مع غير قليل من التماهي مع مختلف الفاعلين في المجال السينمائي مما أثر على استقلاليتهم ومواقفهم، ماهو تعليقك؟
ج : النقد أنواع ، منه الانطباعي أوالصحافي وهو المتداول بكثرة نسبية في الصحافة الورقية والالكترونية ، خصوصا في بعض المناسبات كانعقاد المهرجانات السينمائية وعلى رأسها المهرجان الوطني للفيلم بطنجة ، أو لحظة تنظيم العروض الافتتاحية للأفلام الجديدة أو غيرها من المناسبات . وهذا النوع من النقد غالبا ما يتسم بالتسرع في اصدار الأحكام دون تروي ودون مشاهدات متكررة للمنتوج موضوع النقد . كما أن السمة الطاغية  عليه أحيانا هي بعده عن التجرد والحياد المطلوبين في التعامل مع الأفلام اذ تتحكم فيه علاقات الزبونية والاخوانيات والشللية ، الشيء الذي يفقده الجدية والمصداقية . وهناك النقد الأكاديمي أو النظري الذي يمارس من طرف بعض الباحثين الذين أصدروا كتبا ، عبارة أحيانا عن تجميع لمداخلات شاركوا بها في ندوات فكرية حول تجربة سينمائية معينة أو موضوع له ارتباط بالسينما أو غير ذلك ، وهذا النوع من النقد لا يركز على الأفلام في حد ذاتها من أجل تحليلها والوقوف على نقط القوة ونقط الضعف فيها عبرمساءلة أدواتها التعبيرية من اخراج وتشخيص وموسيقى وانارة وتصوير وملابس الخ الخ ...وتقييم مستويات التمكن من هذه الأدوات الفنية والبحث عن درجات الانسجام والتكامل بينها وغير ذلك ، وانما يغلب ترسانة مفاهيمية مستقاة من حقول معرفية مختلفة كالفلسفة والأدب وعلوم انسانية أخرى لمقاربة الأفلام أو الظواهر والمواضيع المتناولة فيها . أما النوع الثالث والنادر من النقد فهو المواكب لجديد السينما بانتظام ، تحليلا وتأويلا وتقييما ، انطلاقا من الأفلام ذاتها وليس من خارجها . وهذا النوع من النقد تمارسه قلة في المغرب عرفت بتنوع وغزارة كتاباتها بالفرنسية غالبا وبالعربية أحيانا وبتواجدها في الساحتين النقدية والصحافية منذ ثلاثين سنة على الأقل
س : اعتمد القائمون على الشأن السينمائي في العشرية الأخيرة على مقولة الكم في أفق الكيف، بحكم متابعتك لهذه المرحلة كيف تقيم هذه السياسة؟
ج : الكم ضروري اذا أردنا الحصول على الكيف ، لكن الملاحظ أن الكثير من المخرجين السينمائيين ببلادنا لا يتقدمون الى الأمام بل شكلت أفلامهم الجديدة ، أحيانا ان لم نقل غالبا ، تراجعا ملحوظا في درجة ابداعيتها . زد على ذلك أن عددا لابأس به من الدخلاء أصبحوا ينافسون المبدعين الحقيقيين في الحصول على الدعم قبل أو بعد الانتاج . ولهذا ينبغي اعادة النظر في سياسة الدعم واحداث أشكال متنوعة منه. فعلى سبيل المثال ينبغي دعم التجارب الشابة التي أظهرت تمكنا وجدة في أفلامها القصيرة لتدخل مغامرة الفيلم الطويل ، كما ينبغي دعم المخرجين الموهوبين الذين خلفت أفلامهم السابقة أصداء ايجابية في المهرجانات وفي وسط النقاد ، بدون قيد أو شرط ، أما الذين لم يضيفوا جديدا أو تراجعوا في أفلامهم الحالية فينبغي حجب الدعم عنهم وان أرادوا انجاز أفلام جديدة فعليهم أن يعتمدوا على امكانياتهم الخاصة
س : كيف تتلقى نتائج مختلف جوائز الدورات الماضية من المهرجان الوطني للفيلم، وما وجهة نظرك في طرق اختيار لجن التحكيم ولجن اختيار الأفلام القصيرة؟
ج : جوائز المهرجان الوطني للفيلم ، في دورة 2014 والدورات السابقة ، لم تخل من مفاجآت . فهناك أفلام توجت وهي لا تستحق التتويج ، وأخرى أقصيت من التتويج وهي تستحقه . وهذا يجعلنا نتساءل عن معايير اختيار أعضاء لجن التحكيم ، ومن له الصلاحية في اختيارهم ؟ هل المدير العام للمركز السينمائي المغربي ، الذي هو في آن واحد رئيس المهرجان الوطني للفيلم ، هو الذي يملك وحده هذه الصلاحية ؟ اذا كان الأمر كذلك فهذا يزكي الأطروحة التي تقول أن هناك املاءات تملى على اللجنة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .
لم يكن هناك دوما اجماع من طرف المتتبعين للشأن السينمائي على كل الأعضاء المختارين سواء لانتقاء الأفلام القصيرة المشاركة في المسابقة الرسمية أو لتشكيل لجنتي تحكيم الفيلم الطويل والفيلم القصير . فبعض الأعضاء لا يربطهم بالفن السابع الا الخير والاحسان والبعض الآخر يدخلون في زمرة أصدقاء المدير العام للمركز السينمائي والمطبلين لتوجهاته السينمائية . ويمارس الاقصاء على السينمائيين والنقاد والصحافيين المتخصصين النزهاء .
س : كيف تنظر إلى الحضور الكبير دائما للمدرسة الفرنسية بالمهرجان الوطني للفيلم سواء على مستوى لجن التحكيم واللغة المستعملة في الترجمة والأفلام وطبيعة الضيوف...؟ 
ج : يخال المرء أحيانا وهو يشاهد الأفلام أويتتبع تقديمها قبل العرض ومناقشتها في الجلسات الصباحية أنه في مهرجان فرنكوفوني ، وذلك لأن اللغة الفرنسية تكون حاضرة بقوة في مختلف فقرات ومطبوعات المهرجان . وهذا أمر غير مقبول في مهرجان وطني . زد على ذلك أن اختيار أجانب لهم ارتباط بالثقافة الفرنكوفونية في لجنتي تحكيم المهرجان الوطني أمر غير مستساغ .
س : ما الانتقادات التي توجهها للإنتاج الوطني السينمائي خاصة على مستوى السيناريو أو توظيف اللغة البصرية والأمور الفنية والتقنية؟
ج : ما لاحظته على نسبة كبيرة من الأفلام المشاركة في الدورة 15 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة هو ثرثرتها أي تغليبها لعنصر الحوار على العناصر التعبيرية الأخرى وعلى رأسها الصورة . فالمعروف سينمائيا أن الحوار هو عنصر مكمل فقط يتم اللجوء اليه عندما تعجز الصورة عن تبليغ معطى من المعطيات ، وكلما كان هناك اقتصاد في الحوار كلما كنا أقرب الى السينما ولغتها البصرية الكونية ، بينما اعتمد مخرجو نصف الأفلام تقريبا ، المبرمجة في هذه الدورة الجديدة ، وهي مع كامل الأسف أفلام دون المستوى ابداعيا ، على الحوار ، الشيء الذي جعل بعض الظرفاء ينعتون هذه الأعمال ب " الأفلام الاذاعية " .
ما لاحظته كذلك هو أن جل الأفلام مقبولة تقنيا ، صورة وصوتا ، لأن الكثير منها استعان مخرجوها بتقنيين أجانب في الصوت والصورة والمونطاج والموسيقى ... الاختلاف الموجود بين أفلام دورة 2014 هو اختلاف في المضامين من حيث جدتها وتماسكها ومن حيث طريقة أو أسلوب معالجتها ، فهناك أفلام تحس بغنى مضامينها وتكامل وانسجام عناصر التعبير فيها (حالة " وداعا كارمن " لمحمد أمين بنعمراوي ) تشدك اليها من البداية الى النهاية بدون شعور بالملل . وهناك أفلام تشكوا من ضبابية على مستوى رؤية مخرجيها أو من تفكك في خيوطها الدرامية أو من غياب ادارة واضحة لممثليها ...
س :كيف تقيم الأداء المجمل للممثلين المغاربة، على ضوء ظاهرة إغراق مجال الأداء بأشخاص لا صلة لهم بالمجال أو تعوزهم الخبرة كما يشتكي من ذلك الممثلون المحترفون؟
ج : أداء الممثلين المغاربة كان فيه تفاوتات من فيلم لآخر ، فهناك ممثلون محترفون متمكنون من أدواتهم كان تشخيصهم لأدوارهم تلقائيا ومقنعا نذكر منهم على سبيل المثال محمد بسطاوي وحسن باديدة ومحمد خويي وراوية وفاطمة الزهراء بناصر وأمل عيوش وفاطمة تيحيحيت والراحل محمد مجد والقائمة طويلة ، وهناك ممثلون آخرون لم يكونوا مبدعين بالقدر الكافي في أدوارهم ربما بسبب ضعف ادارة المخرجين لهم أو بسبب نقص في تكوينهم أو غياب الموهبة لديهم . أما الوجوه الجديدة التي شاهدناها في الكثير من الأفلام الطويلة والقصيرة ، فمنها غير المحترفة ومنها من مارس أصحابها المسرح ، فقد اختلف أداؤها من فيلم لآخر . وفي هذا الصدد تجدر الاشارة الى أن جل ممثلي فيلم " بولنوار " (هواة ومحترفين) كانوا في المستوى المطلوب بفضل حنكة المخرج حميد الزوغي وادارته الجيدة لهم .وعموما يمكن القول أن الممثلين فيهم المنفذ فقط لأوامر المخرج وفيهم المبدع الذي يضفي على الدور من عندياته ، الشيء الذي غالبا ما يرفع من قيمة العمل .
س :كيف تستشرف مستقبل السينما المغربية على ضوء الدينامية التي انطلقت مع المناظرة الوطنية حول السينما ، وما يعرفه الورش القانوني من حراك الآن ، وأيضاً ما سيتم من إعادة هيكلة للمركز السينمائي المغربي ؟
ج : كنا نعيب على قطاعنا السينمائي غياب سياسة شمولية تنظر للقطاع من كل جوانبه (انتاجا وتوزيعا واستغلالا وتكوينا وثقافة ...) ، فقد تم التركيز على دعم الانتاج الفيلموغرافي دون الاهتمام الجدي بسبل ترويجه داخليا وخارجيا . لكن يبدو أن رياح التغيير بدأت تلوح في الأفق ، فبعد ادخال تعديلات على قانون دعم الأعمال السينمائية واحداث لجنتي دعم تنظيم التظاهرات السينمائية ورقمنة واصلاح واحداث القاعات السينمائية وما تم تجميعه من توصيات في اطار المناظرة الوطنية حول السينما (الكتاب الأبيض) والتعديلات التي تم ادخالها على هذه التوصيات في اليوم الدراسي الذي نظم في اطار الدورة 15 للمهرجان الوطني للفيلم ، نأمل أن يؤدي هذا الحراك الى تجاوز الثغرات التي تشكو منها القوانين الحالية المنظمة لقطاع السينما ببلادنا والتي يرجع بعضها الى عقود خلت وأن يتم تحديث النصوص القانونية وتكييفها مع مستجدات الواقع الحالي ومع مطالب العاملين في القطاع وتوصيات المناظرة واليوم الدراسي ، وأن يتم تطبيق القوانين الجديدة في أقرب الآجال خدمة للسينما وثقافتها ببلادنا .
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار