ألسنة مالحة مَحْشُوَة بغُبارغُبار الغنيمة ردّاً على ما جاء في تصريح «رئيس اتحاد كتاب المغرب»!صلاح بوسريف
التضليل، والتمويه، وإلباس الباطل لباس الحق، هي من صفات الذين لا تربطهم
بالثقافة سوى علاقة التضليل والتشويه، وعلاقة الانتفاع. وهذا سلوك خبرناه وعرفناه،
في صورته البدائية التي هي من صفات رجالات الدولة، وإعلامها، ومن صفات زعماء الأحزاب
والنقابات الذين يحتاجون لمثل هذه الطُّرق الديماغوجية في تضليل الخصوم، و ربما في
إرباكهم وزعزعة يقينهم، وما يؤمنون به من أفكار أو يتخذونه من مواقف.
هذه صورة هذا الذي صدَّق أنه أصبح وصياً على الثقافة في المغرب، وعلى
مؤسسةٍ، هي ملك لكل الكُتَّاب، وليست بيتاً بالتَّمْليك، أو بوضع اليد، أو غنيمة حرب،
كما يعتقد، خصوصاً أنه حارب من كانوا أولياء نعمته، ووضعوه في المسؤولية بالاتحاد ككورتي
يتنقل بين المكاتب والقاعات وإعداد حاجيات اللقاءات، وما تتطلبه من أمور هي شغل الطريطورات،
قبل أن يقلب الطاولة على الجميع، لأنه عرف، ما تختزنه هذه المؤسسة من غنائم، هي ما
يستعمله اليوم بشكل فردي، أو بنوع من الاقتسام غير العادل حتى مع من هُم معه في قيادة
الاتحاد
وللرد على بعض مزاعم هذا الشخص المليء بالآفات، والذي دوَخَتْه «السلطة»،
وأعْمَتْه حتى عن دَمِه الشخصي:
أولاً: إذا كنتَ تُميِّز بين الانسحاب والاستقالة، فهذا أمر يقتضي منك
أن تعرف أنَّ الانسحاب هو احتجاج، بكل أشكاله التي تسمح بمنعك، ومنع غيرك، من الكلام
باسم الكُتَّاب، واستعمال رصيدهم المعرفي والأخلاقي وحتى التاريخي، لقضاء مآربك الشخصية
التي تشي بشيزوفرينيا حقيقية، لا يمكن أن ينفع معها علاج سوى الكَيْ.
ثانياً: أنا لم أكن، مشاركاً في المؤتمر السابق، الذي حضرتُه لأخذ بورتريهات
لبعض الحاضرين من الشعراء والكتاب، كما أخبرتُك حين ابْتَهَجْتَ بحضوري، وحاولتَ اسثماره
لصالحك، وهذا مشروع حاولتَ الاستحواذ عليه، حين استقبلتني في باب الفندق البئيس الذي
جرت فيه أعمال المؤتمر، وأغريتني بحجز غرفة لي بفندق أفضل، أو تأدية ثمن الفندق الذي
كنتُ أقيم فيه على نفقتي الخاصة رفقة زوجتي. أتحداك أن تجد داخل لا ئحة المؤتمِرين
اسمي، وأطلب منك أن تعلن عن أدائي واجب الانخراط الذي يسمح للمشارك بالنقاش والتصويت،
وأيضاً وثيقة الإقامة بالفندق البئيس الذي تآمَرْتَ فيه على الجميع، وهذه بعض مظاهر
الشيزوفرينيا، والتضليل التي لها رجالاتها وجهاتُها التي لا شك أنك تنتمي إليها بالفعل،
وهذا ما ستكشف عنه الأيام، دون شك.
ثالثاً: حين طلبتَ مني وأنت في اجتماع مع المكتب المسير بالهاتف، أن أشارك
في مهرجان جرش، اعتذرتُ، فبقيتَ تُلِح، وتُصر، وتقول إنني سأكون شرفاً للاتحاد في المهرجان،
فلم أعطك موافقتي وبقيت الأمور هكذا، إلى أن يئستَ واخترتَ من ذهبتْ مكاني. ويعرف الذين
تحملوا مسؤولية التدبير الثقافي، في وزارة الثقافة، بمن فيهم الأستاذ حسن الوزاني،
ومن كانوا قبلك في الاتحاد، أنهم كثيراً ما دعوني للمشاركة في سفريات، اعتذرتُ عنها،
بما فيها المشاركة في مهرجان الأدب ببرلين، والمغرب ضيف الشرف في السعودية، والمشاركة
في لقاء بنجيريا أو السيتيغال، وخُيِّرْتُ من قبل رئيس سابق للاتحاد، عن طريق صحفي
صديق رحل عنا قبل سنوات، بين السفر إلى القاهرة أو إلى باريس أو إلى بروكسيل، فرفضتُ
كل هذه الاقتراحات احتجاجاً على ما كان عليه الاتحاد، ونفس الأمر حدث حين دُعيت من
قبل كتابة الوزير محمد الأشعري للسفر، لتمثيل المغرب في دبي عاصمة الثقافة العربية،
فرفضتُ، واتصل بي، آنذاك الصديق أحمد لمسيح لإقناعي بهذا السفر، فرفضتُ، ودعوةُ المشاركة
موجودة عندي إلى اليوم. فإذا كنتَ تعتبر الثقافة هي انتهاز الفرص والسفر وشراء الذمم،
والبحث عن منصب سخيف هنا أو هناك، بما فيه «مغازلة وزير الثقافة»، بتعبيرك السخيف،
فاسأل هؤلاء الذين كانوا يُلِحُّون عليَّ وكنت أعتذر، بمن فيهم الوزير بنسالم حميش
الذي دعاني «لمنصب هام جداً» عن طريق الكاتبة والصديقة رجاء الطالبي، زوجة الصديق محمد
معتصم، فكان جوابي لها، أنا موظف ولي راتب شهري، ولستُ في حاجة لمنصب هام، يمكن أن
أجلس مع السيد الوزير ونناقش مشاكل الثقافة في المغرب، وأعرض عليه وجهة نظري في الموضوع،
شريطة أن نعلن عن ذلك في الصحافة، حتى لا يكون الأمر عملاً في الخفاء، كما تفعل أنت
ومن سخرهم الله لهذا البلد لتعطيل صيرورته، ونظافة ذمته من مثل هذه السلوكات الانتهازية
المريضة، لأنني معني بما أكتبه، وأفكر فيه، لا بما يجعل مني رئيساً لمنظمة للكُتَّاب،
بعضوية هي عبارة عن كُتُب فضية أو نحاسية لتمجيد مجلة العربي الكويتية، وكتب الذكرى
الفضية لجمعية المحيط لمحمد بنعيسى، بما يستتبع ذلك من غنائم يعرفها الجميع.
رابعاً: أنت من دعوتني للمشاركة في أعمال اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أخبرتُك
أنني إذا حضرت لن أكون مُجاملاً ومُكَمِّلاً لأكسسوارات المؤتمر، فقبلتَ، وحدث ما حذرْتُك
منه، فغادرتُ القاعة، رغم محاولات العديد من الأصدقاء أن أبقى. وفي المكتبة الوطنية،
وضعتُ بين يديك ورقة انسحابي، لأنني لاحظْتُ ما جرى من إعداد قبلي للجلسة، والانقلاب
الذي وقع على قرارات سابقة، فكتبْتَ تترجَّاني لأبقى في الجلسة، لأنني «قيمة مضافة
لهذا المؤتمر وللاتحاد»، والورقة عندي، أخذتها معي وأنا أنسحب من القاعة للمرة الثانية،
اقتناعاً مني، حين حضرتُ، أنَّ من يكتب عن الثقافة وينتقد ما يجري، حتى لا يكون عدمياً،
لا بد أن يكون مشاركاً في الفعل الثقافي، وهذا ما جعلني دائماً أعتبر الاتحاد مؤسسة
محتلة ينبغي تحريرها من جوقة العميان، الذين يقودونها، ليس نحو غناء جليل، بل نحو انحراف
ذَليل.
خامساً: توسَّلْتَني للمشاركة في المناظرة، وشاركتُ فيها، لأنني أنا من
دعوتُ إليها، وهذا مكتوب ومنشور، قبل انقضاضك على الفكرة، وهذا ما قلتَه لي، لتحرص
على وجودي فيها، ورغم ذلك فأنا ذهبتُ إلى إفران بسيارتي الشخصية، وأديتُ ثمن إقامتي
من مالي الخاص رفقة آبنائي وزوجتي، رغم محاولاتك إرشائي وشرائي، بأداء ما يخُصُّنِي.
أما بشأن نشر ديوان لي، فأنت من اعتبرتَ من العيب والعار ألا ينشر لي
الاتحاد كتاباً، وبقيت تعمل في هذا الاتجاه، إلى أن سلَّمْتُك نسخة من ديوان لي، سحبْتُها
بعد مدة قليلة، لأنني رأيتُ، كما كان يقول لي والدي رحمه الله، لا تَصُم وتفطر على
ثمرة، أي بالواضح، على مثل هذه الرشاوى المبطنة، التي لا يمكنها أن تخدعني أنا الذي
خبرتُ من هُم أعتى منك، وأكثر منك حيلة ودهاءً. وثمَّة ما لابد أن أوضحه بصدد ملتقى
القصة القصيرة الذي نظمه ملتقى الثقافات والفنون مع الاتحاد، فأنت لم تقدم فيه ولو
سنتيماً واحداً، عدا الإقامة في مركب البشير، الذي يدخل في اتفاقية الاتحاد مع وزارة
الشبيبة والرياضة، ولم تتصل فيه ولو بكاتب واحد، وقلتَ لي ليس هناك من سيقوم بهذا العمل،
فاستعملتُ هاتفي الخاص في ذلك، لأنك كنتَ تعرف أنَّ لا أحد سيقبل المشاركة معك لو كنتَ
أنت من دعاهم للقاء، وكان خلافي معك، ما جعلني أقطع معك شعرة معاوية، هو رفضُك لمشاركة
قاصة مغربية صديقة، لا يمكن أن تكون كتبْتَ ما كَتَبَتْه، مُدَّعِياً أنها تنتقد الاتحاد،
رغم أنَّ الاتحاد كرَّمَها في بني ملال، كعادتك، حين تعتبر تكريم كاتب من قبل الاتحاد
صدقة، أو رشوة، تفرض عليه أن يصير بدون لسان
لقاء فرع المحمدية، لا علاقة له بك. فهذا فرع نظم اللقاء مع جمعية الشعلة
بالمحمدية، وقد نظمه أصدقاء، لا يمكنك أن تعرف معنى الصداقة التي يكنونها للكتابة والشعر
الذي لا علاقة لك به، ولا بغيره مما تكتبه من كلام تجاوزه الزمن، وأكله «النسيان».
والفروع كما يعرف الجميع هي سيدة قراراتها ولا تعمل بإشارة منك، ولا من غيرك، اللهم
الذين يمكن أن تكون اشتريتهم بمال الاتحاد وغنائمه. فأنا حين كنتُ كاتباً عاماً في
مدينة الدار البيضاء في التسعينيات من القرن الماضي، أي قبل أن تكون أنت عضواً في الاتحاد،
لم أكن أنسق لا مع المكتب المركزي، ولا مع أية جهة كانت، حين كان المكتب المركز مكتباً
حقيقياً، ولأعضائه كريزمات حقيقية، ورفضْتُ
المشاركة في ندوة الرواية المصرية المغربية، التي أقامها المكتب المركزي بالدار
البيضاء دون إخبارنا، كما رفضتُ تجييش الكُتاب لحضور لقاء الكُتاب العراقيين الذين
أُخْبِرتُ في آخر لحظة بزيارتهم لمدينة الدار البيضاء، كما رفضتُ حضور أعمال اللجنة
التحضيرية للمؤتمر، باعتباري كاتب الفرع، احتجاجاً على سلوكات المكتب المسير للاتحاد
الذي كان يرأسه محمد الأشعري، وواجهتُ محمد برادة في مقر الحزب، حين أراد أن يفرض علي
المشاركة في أعمال اللجنة، بالتهديد والوعيد، وقلتُ له بالحرف، بحضور أعضاء من المكتب
السياسي للحزب «أنا لستُ ساعي بريد لأحد»، ليتدخل الشاعر أحمد صبري بعد ذلك ويُساند
موقفي احتجاجاً على تهميش الفروع، واعتبارها زائدة، أو لا تُفيد في شيء. وهذا سبب انسحابي
الصامت من الاتحاد، برفض السفريات، والنشر، والمشاركة في كل ما يتعلق بالمكتب المسير.
ولم يسبق أن سافرتُ خارج المغرب، لا باسم بيت الشِّعر، ولا باسم اتحاد كتاب المغرب،
ولا باسم وزارة الثقافة، ما يأتيني من دعوات تأتيني باسمي الشخصي، وعبر أيمايلي الخاص،
وهذا تعبير عن وجودي خارج ترابكم، وخارج وصايتكم، ووشاياتكم السخيفة. أما الفروع فلا
تعنيك في شيء، وأنت تستبد بأموال الاتحاد ولا تصرف لفروعٍ تعمل بمجهوداتها الذاتية
ولا سنتيماً واحداً، إلا ما تغدقه على القريبين منك، ممن يقولون آمين. ومازال في الجرة ماء كثير، فلكل مقام مقال، وأرجو
ألا يبلغ التدليس مثل هذا النوع من اللسان القذر المريض، المَحْشُو بغبار الأملاح الخانقة، مما لا يسمح بقول الحقيقة،
بل بتزويرها، بدل مواجهتها وتبريرها.
0 التعليقات :
إرسال تعليق