"السلفية
الجهادية في الفضاء الافتراضي – القاعدة نموذجا" للدكتورإدريس جنداري
صدر للباحث إدريس جنداري دراسة حول الفكر الجهادي في
الفضاء الافتراضي بعنوان: "السلفية الجهادية في الفضاء الافتراضي – القاعدة
نموذجا" و ذلك ضمن كتاب جماعي صادر
عن مركز المسبار للدراسات و البحوث بعنوان: " منصات الميديا الجديدة و العنف
المقدس " .
تحاول الدراسة
الكشف عن طبيعة التحالف المُضمَر و الخفي، بين المنطق العولمي في صيغته التقنوية و
الشمولية، و بين منطق الفكر السلفي الجهادي في صيغته الأصولية، و هذا التحالف لا
يشترك، بالضرورة، في الأهداف بل إنه يشترك في طبيعة الرؤية و أدوات التنفيذ. و في
هذا الإطار يحضر الوسيط الإلكتروني كأداة مشتركة بين النموذجين، فإذا كانت
العولمة، كمنهجية لأمركة العالم، تسعى إلى توظيف الفضاء الافتراضي لحسم الكثير من
الإشكاليات الحضارية التي يستعصي حلها على مستوى الفضاء الواقعي، فإن الفكر السلفي
الجهادي يوظف الفضاء الافتراضي لخلق حرب كونية
ضد النموذج العولمي المُسوًّق له
افتراضيا.
تم الاعتماد في الدراسة على مقاربتين :
· مقاربة فكرية، تحاول
النفاذ إلى عمق منطق الفكر السلفي الجهادي في علاقته بالفضاء الشبكي. فإذا كان
الفكر السلفي الجهادي يتخذ طبيعة نصية تبسيطية تكتفي بظاهر النص الديني مع رفض كل
المناهج المساعدة على الفهم و التأويل، فإن منطق الوسيط الشبكي، كذلك، يركز على
سطحية المقاربة و سرعة المعالجة، و هو يتعامل مع الافكار تعاملا حسابيا تقنيا، و
لذلك فإن الأفكار تكتفي بحضورها الشكلي باعتبارها علامات أيقونية. و لعل هذا الانسجام
المفترض هو الذي ساعد على عولمة الفكر السلفي على مستوى الفضاء الافتراضي، حيث نجح
في تحقيق انتشار جماهيري واسع، و خصوصا على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي.
· مقاربة سوسيولوجية،
تحاول تناول نموذج للفكر السلفي الجهادي، متجسدا في تنظيم القاعدة الذي نجح في
عولمة الفكرة السلفية الجهادية عبر تمكنه من عقد تحالف، غير معلن، مع النموذج
العولمي و خصوصا مع الوسيط الشبكي الذي حوله التنظيم إلى مجال حيوي، استطاع من
خلاله الانفلات من قيود الفضاء الواقعي و الانتقال إلى الفضاء الافتراضي حيث تنعدم
القيود، و تختفي الحدود، و تنتفي الرقابة . و قد عبر تنظيم القاعدة عن قدرة فائقة
في التأقلم مع التطورات التي يعرفها الإنترنت، و لذلك نجح في توظيف مرحلة ما-بعد
التفاعلية للتحول من تنظيم مركزي، إلى تنظيم هلامي لا مركزي يجسد وجوده افتراضيا
اكثر من انتمائه إلى العالم الواقعي، و ضمن هذا التحول تمكن التنظيم من تغيير
استراتيجيته ( الجهادية) من الجهاد الجماعي المنظم إلى الجهاد الفردي الذي يركز
على التجنيد الإيديولوجي أكثر مما يركز على التجنيد التنظيمي .
0 التعليقات :
إرسال تعليق