الروائي الإسباني الكبير جوم كابري: كل شخصياتي هي أنا : ترجمة وتقديم : يقظان التقي

الروائي الإسباني الكبير جوم كابري: كل شخصياتي هي أنا : ترجمة وتقديم : يقظان التقي
"في العمق أعتقد أني أكتب لكي أنسى ما ينقصني"، الكلام للروائي الكبير جوم كابري، في واحد من اللقاءات المهمة التي تجريها مجلة "لير" الأدبية على شكل اعترافات مهمة جداً، مع روائي ناجح يمثل حالة وصوتاً تعبيرياً إسبانياً يملك حساسيته الأدبية وبما يشبه في كتاباته "صلاة الاعتراف".
هذا العنوان ما بين الحكم القضائي والاعتراف الديني "Jo Confesso" يشغل ثمانمئة صفحة من الإصدار الروائي خارج الإطار المألوف في إعادة تحديد مصطلحات من مثل الخير والشر في العصر الوسيط الى الآن مروراً بمحاكم التفتيش التي كانت تلاحق المتهمين في دينهم.
نقطة الانطلاق تستند الى مذكرات الفيلسوف الإسباني أوريدا الذي أصيب بمرض الألزهايمر وفي سلسلة اعترافاته لصديقه بيرنا.
الرجل المتقدم في العمر ما كان يتمنى سوى أن تاريخه يسقط في النسيان وأكثر كان يصبو الى الغفران مما ارتكبه. تاريخ طفل صغير أراد والداه أن يصف منه موهبة. والده من أصول يونانية له ماضيه الأسود ويتكلم لغات عدة، ووالدته عازفة الكمان في أوركسترا موسيقية.
الإصدار الذي نشرت ترجمته الى الفرنسية "آكت سود"، بتوقيع إدمون رايلار هو نوع من التأمل الأخلاقي والميتافيزيقي وسديم محطات تاريخية بعيدة تظهر كأنها سحابة رقيقة في الزمان والمكان ومتاهات رومنطيقية في مناخات صوفية مركبة لا تمنع من متعة القراءة الحقيقية. لكن كيف تمكن الكاتب ذو الشارب الكثيف من النجاح بتحفته الروائية.
عناصر كثيرة من الإجابة في حوار مطول معه. وهنا مقتطفعات من الحوار.
[ كيف أتيت الى الأدب؟
ـ جوم كابري: من خلال القراءة وبكل بساطة، عندما أكون شغوفاً برواية يتولد عندي إحساس تلقائي بالتمرد حتى على الانتهاء من قراءتها. هذا يحولني عصبياً، إذاً أصنع نوعاً من المقاومة أو التمرد الذي يتمدد الى عقلي بكل شخصيات الكتاب التي عرفتها. اختبرت هناك أولى تجاريي التمهيدية على الكتابة! (يضحك) أيضاً حاولت أن أرسم شخصية ما تتحرك على الورقة البيضاء. وعرفت كم أن الكتابة هي أمور فعلاً بالغة الصعوبة.
نصوص أولى
[ تتذكر بداياتك في كتابة نصوصك الأولى، هل كانت فعلاً نصوصاً أدبية؟
ـ أتذكر جيداً اليوم الذي كتبت فيه نصاً، كان نصاً توصيفياً وبأسلوب ينقل بعض أفكاري وكلماتي. بعد هذا النص أمضيت 18 عاماً حتى تمكنت أن أصرح بوجودي الأدبي في الكتابة، هذا الحضور في الكتابة هو تلبية لمتعة شخصية للمتعة الخالصة، وقصة التأثير على سلطة اللغة.
[ أحببت في الطفولة أو المراهقة، الكتب الكبرى؟
ـ كلا، ليس على هذا النحو بالتحديد. قرأت الكثير ولكن ليس أكثر من أخوتي. اهتممت أكثر بقصص الحيوان، وروايات المغامرة، مثل قصة الرحلة الاستكشافية (Kon-Tiki) وأي رواية أخرى تكيّفت مع عمري.
[ ماذا عن اهتماماتك الأخرى، هل كان من الممكن مواجهة اتجاهات أخرى، أقدار أخرى غير الكتابة؟
ـ حين كنت مراهقاً، حلمت أن أصير مزارعاً، إطفائياً، طياراً وبابا روما لم لا؟ ولكل من هذه الاهتمامات شروحاتها. مزارع يعني حياة رومنطيقية بسيطة رعوية على علاقة بالرعاة. إطفائي أو طيار؟ هذا يقترب من المغامرة وبابا؟ لسبب محدد جداً، البابا الذي كنت أراه بردائه الأبيض والأسود في الأفلام الوثائقية السينمائية في قصر كبير في الفاتيكان. ثم هو البابا على كرسيه الفخم العائلي (يضحك)، كبرت ونتيجة التجربة في الحياة تخليت عن الطموح للبابوية. إذاً حلمت أن أكون بيتهوفن من دون قصة إصابته بالصمم، ومن دون ذلك الجانب من الوجه العابس والمقطّب، عازف بيانو، عازف كمان، عازف فلوت، قائد أوركسترا... أختصر، عندما بدأت دراساتي في الأدب في الجامعة، كنت صرت قارئاً ممتازاً وشغوفاً بالقراءة وهكذا مثل الخيط في الإبرة، انتقلت من القراءة الى الكتابة(...).
وإمبرتو إيكو
[ البعض يقارنك بإمبرتو إيكو؟ وماذا تقول عن العلامة الإيطالي؟
ـ هذا يفاجئني قليلاً، لأن مؤلفاتي مختلفة كثيراً. بالتحديد إيكو هو عالم وباحث. هو أكثر في مجال التنقيب البحثي، مهم. وأدبه الذي قرأته باهتمام دائماً محاط بالشغف ورائع. لكن هذه المقارنة تسبب لي بعض الإزعاج، أو الضيق. نفس الشيء أن تقول اني أشبه أخوتي في القراءة. أنا لا أفهم هذا ولكن ليس لي الحق بذلك حتى، ممكن أني لا أستطيع فعلاً معرفة نقاطي المشتركة أو نقاط اختلافي مع الآخرين(...).
اعترافات
[ توجد اعترافات كبيرة في الأدب...؟
ـ بالتأكيد، وعندي سابقتان مهمتان كنموذج مثالي: اعترافات القديس أوغسطين وجان جاك روسو. انشددت لتلك التجربة (نماذج مثالية). شخصيتان قويتان تقرران وبإرادة أدبية عالية أن تكونا صريحتين أمام الورق. ولكن "أنا أعترف" هو قصة خيالية..
[ من أين جاءت فكرة "Confiteor"؟
ـ على وجه العموم، ما كان عندي فكرة محددة جداً. بدأت بما لدي رغبة في قراءاته وانطلقت. لم أعرف الصنف الأدبي الذي أكتبه، هل هو قصة أو رواية أو خبرية. لكن هناك شخص، انشغال ما، نظرة أعجبتني. في حالة "Confiteor" الشخص هو نيكولاي إيميريك الذي حضر في قصة كتبتها منذ زمن طويل، والتي اكتشفت وجودها مجدداً في الفصل المعنون "Palim prestus".
فكرة المزج بين شخصية المحقق في العصر الوسيط وشخصية ولدت في بادن بادن منذ عقود بعيدة وانطلاقاً من اعتبار رئيسي أن الكرونولوجيا الزمنية ما كانت بالعمق غير مفهوم حكائي غير جوهري(...).
... وفلوبير
[ في جملة بقيت شهيرة غوستاف فلوبير قال: "مدام بوفاري، هي أنا" هل تقول هذا انطلاقاً من شخصياتك، لنأخذ حالة أوري بماذا تشبهه؟
ـ "كل شخصياتي هي أنا". هذا ما أفكر به. يمكن العلاقة مع أحدهم صعبة، نتيجة حياة مختلفة عن حياتي. لكن بذلت جهداً كبيراً لفهمها. وتخرج بالنسبة الي بشكل دائماً غنية، كبيرة(...).
[ كم استغرقك صدور الرواية؟
ـ 8 سنوات.
[ هل كنت ضحية عدم اليقين أو التردد خلال كتابه "Confiteor"؟
ـ أوه، التردد ثابتة رئيسة عندي. وبخلاف كتاب آخرين، لا أشك بتلك القدرة على المعرفة وعلى نتاج الأوائل والرواد.. كنت بحاجة أن أكتشف يوماً بعد الآخر، ما جرى سابقاً وفي العمق هذا ما عنيت به وما يهمني. هذا يشبه الطريق الذي أتبعه. وسحبت منه خلاصات نتيجة أخطاء ارتكبتها حين غيّرت اتجاهاتي أو وجهتي الرئيسة. وبالخلاصة إيقاعي تطور بطيئاً.
الدين
[ يحتل الدين موقعاً رئيساً في مؤلفك؟
ـ لا أعرف. تلقيت في طفولتي تربية دينية ولكن في مراهقتي ابتعدت عن كل أشكال الدين. رأيت العالم وسمعت واهتممت أكثر بالنسيج الاجتماعي والسياسي من الموضوع الديني في التاريخ أو اليوم الدين هو جزء من السلطة واليوم كما في الماضي لا شيء تغير فعلياً. وللاقتصاد اليوم دور فاعل في حياتنا المعاصرة كالدين وأكثر. أنا لست مليونيراً لا رغبة لدي بأن أكون كاريكاتورياً. في كل الأديان ثمة أشخاص رائعون(...).
[ استقبل النقاد الإسبان روايتك على نحو استثنائي، وفي فرنسا تصدرت أعلى قائمة "البست سيلرز" وليس بالمنحى التجاري، كيف تشرح ذلك؟
ـ نجاح جميل جداً حققته الرواية في كاتلون في إسبانيا، في بولونيا. هذا يفرحني بالتأكيد وعلى عكس ما توقعته. هناك العديد من القراء المؤثرين الذي تتمنى قراءة النصوص غير الظاهرة أو البديهية، النصوص التي لا تستطيع وحدها إقامة أماكن مشتركة.
[ هل أنت تعمل على كتاب مقبل جديد.
ـ أسبح على قصص جديدة بالتأكيد، لكن لا أستطيع الآن أن أقول أكثر، وعمل بالتحديد محاولة اكتشافه. لا أستطيع الغوص أكثر يا صديقي. هل تتكلم في العام 2016؟
نبذة
ولد جوم كابري في برشلونة عام 1947. درس الفلسفة في جامعة "Li eida". وبعد محاولات عدة في الكتابة، وقع على أولى رواياته "Saleceran Lheroi de la querra negra"، وألّف كتبا عدة للأطفال وسلسلة خيالية متماسكة "Cycle de feixe". لكن في العام 1991 اكتشفه النقاد في كاتالون كمؤلف عالمي وحاز على تنويهات عدة بعد انتقال أعماله الى السينما والتلفزيون. ثم وقّع على روايات عدة مثل رواية "Lombre de leunuque" "Les Voix du Pamano" الى تحفته الروائية الأخيرة "إني أعترف" "Confiteor" التي ترجمت في فرنسا.



شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار