كتاب جديد عن كاتب الأرجنتين الأعظم دي جيوفاني يصفي حساباته مع بورخس

صديق بورخس ومترجمه للإنجليزية ورفيقه خلال سنوات طويلة ومدير أعماله نورمان توماس دي جيوفان، أصدر كتاباً جديداً يتناول فيه حياة بورخس، حياته السرية، خاصة تلك التي لا يعرفها أحد عن زيجته الأولى، بحسب ما أفادت جريدة الباييس الإسبانية.قضى الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخس شتاء عام 1967 في إنجلترا الجديدة، في كمبريدج، كأستاذ زائر بجامعة هارفارد. كان المطر كثيراً والطقس شديد البرودة حتى أنه كان يخرج من البيت بصعوبة. بعض قصائد ديوانه "في مديح الظل" كتبها هناك، وفي إحداها، المعنونة بـ "كمبريدج" يشير إلى انحدار سريع لظهيرة شتوية ويتخيل أنه في بوينوس آيرس:"بوينوس آيرس، أنا لازلت أسير/ عبر نواصيك، دون أن أعرف لماذا ولا متى". يمكننا أن نتخيل صورة قديمة أو ذكرى لرجل أعمي ونحيل، في الستين من عمره، يطأ بصعوبة كبيرة كتلات الجليد المتسخة من الشارع، بخوف أن ينزلق فيقع، يسحبه آخر من ذراعه كدليل، الآخر قد يكون امرأة تزوجها لعدة شهور، وقد يكون مترجمه الأمريكي الخدوم الذي قدمه بحماس كبير في واحدة من محاضراته، نورمان توماس دي جيوفاني. الزوجة كانت إلسا أستيتي ميّان، حب شبابه القديم. 
تعارفا في مدينة لا بلاتا عام 1929، عندما كان بورخس في الثلاثين وهي في التاسعة عشرة. الحكاية ملتبسة وليس ثمة شهود يمكنهم أن يقدموا تفاصيل. يببو أنهما تعارفا فتكوّن بينهما غرام سريع، وصل حد الارتباط. لكن بعد فترة تبخر الحب، وتزوجت هي من آخر، ولم يتقابلا حتى مرت سنوات. في السنوات التالية، دخل بورخس في علاقات غرامية مع نساء كن يهجرنه أو يتجاهلنه، ليعثر بذلك على أسباب لكتابة قصائد خالدة. وفي بداية سنوات الأربعين، كتب لـ "إلسا" عدة خطابات ذات طابع شديد الحزن. وعاد ليلتقيها بعد أكثر من عشرين سنة. كانت أرملة ولديها ابن بالغ، وكانت لا تزال امرأة جذابة. 
استمر زواجهما ثلاث سنوات، وانتهى بهروب بورخس من بيت الزوجية، بمساعدة دي جيوفاني، مساعده ومترجمه وأمين أسراره وتلميذه والشغوف بكتابته، الذي لم يمكنه التخلي عنه، والذي وضع حياته كلها تحت أمر المايسترو العجوز. وكان دي جيوفاني من قام بالدعاية لموهبة بورخس في العالم الأنجلوساكسوني، واستطاع أن ينشر قصائده وقصصه في النيويوركر، وأن تنشر له دار بنجوين. من هنا كان إتفاق بورخس معه أن يعطيه 50% من دخل كتبه. 
كان دي جيوفاني يزور بورخس يومياً في شقة الأستاذ الزائر ويعمل معه. وكان يأخذه في سيارته إلى الجامعة ويعيده للبيت. حينها لاحظ الأجواء الصعبة بين المتزوجين حديثاً، الشاعر الأعمى والحكيم الذي كان يبدو أنه يسكن فقط في عوالم الأدب وزوجته الجاهلة التي كانت لا تعرف اللغة الإنجليزية، ولا تقرأ الكتب، ولم تكن تهتم بكل نجاحات زوجها وشهرته، فقط كان يعنيها الجزء الاقتصادي. 
بعد فترة، وفي بوينوس آيرس، سيدة بورخس أطلعت دي جيوفاني على المعاطف الجلدية المعلقة في دولابها والتي كانت لأسماء كبيرة في الأدب الأمريكي: بو، وايتمان، ملفيل، هاوثوم. كل معطف كانت قد اشترته بمكافأة محاضرة من محاضرات بورخس عن أحد هؤلاء. كانت إلسا امرأة جشعة وسوقية، تضحك بقهقهات وتشكو في الخفاء من عجز بورخس، وترتكب سرقات في بيوت الناس الذين يستضيفونهم، ولم تكن تهتم إلا بالشوبينج. بالإضافة لذلك، كانت غيور وتشعر بعقدها أمام أصدقاء زوجها المثقفين. 
كان دي جيوفاني يسجل كل ملاحظاته. وسريعاً ما أصبح مصدر ثقة لبورخس، فحكى له عن شكاويه من كارثة زواجه. كذلك تعليقاته العنصرية حول السود، ونماذج من تأييده دخول الأمريكان لفيتنام، وملاحظاته حول كتاب آخرين وأشخاص كان يتصنع في العلن تقديره لها. 
عاد بورخس وإلسا إلى بوينوس آيرس في نهاية الكورس، وسريعا انضم لهما دي جيوفاني ليواصل عمله مع المايسترو. لكنه لم يكن محض مترجم: فالنسخ الإنجليزية من القصائد والقصص كانت نتاج عمل مشترك بينهما. وكان دي جيوفاني يحرضه على حذف قصائد لم يكن يراها ذات جودة عالية، على عدم كتابة سونيتات تتشابه فيما بينها، بل ويحرضه على الانفصال عن تلك المرأة التي كانت تستفزه وتغضبه. 
الآن نعرف الدور الهام الذي لعبه دي جيوفاني لأنه حكي كل ذلك في كتاب يبدأ بإثارة الفضول ويُقرأ بنهم، وينتهي بترك مرارة في الفم. الكتاب عنوانه "خورخي وإلسا: خورخي لويس بورخس وزوجته، قصة تُحكى". لغة الكتاب بالطبع ذات طابع قاسٍ، ويبدو أن السبب أن ماريا كوداما، أرملة بورخس، قد فسخت التعاقد الاقتصادي مع دي جيوفاني.

شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار