جماعة الحوثيين تتفوق على "القاعدة" في المنع والإكراه المباشرَين
أسوأ غايات المتعصبين دينياً فرض نمطهم الفكري الخاص، وعدم قبول التعايش مع التنوع الثقافي في محيطهم. ومن الطبيعي إذاً، أن تكون الحقوق والحريات على رأس ضحايا الجماعات الدينية المتطرفة التي تعادي التمدن والانفتاح والسلمية وتكرس التخلف والانغلاق والعنف.
والشاهد أن الوعي القمعي الإسلامي بشقّيه السنّي والشيعي، ما زال يواصل التشبث بحالة خصومته مع الإبداع والتعبير، فهو الوعي الذي يعاني خللاً مركزياً في هذا السياق، كونه لا يمتلك حساً ناضجاً للتعامل مع جماليات الأفكار والفنون. لذلك فإن المجموعات الدينية الرافضة للتجدد والتحول، لا تبدع في شيء، قدر استغلالها السيء والتشويهي للدين، ما يعيق ارتقاء الإنسان وتحديث المجتمعات، كلما استمرت تلك المجموعات بقسر نموذجها المعرفي على من يقعون تحت سيطرتها.
مؤخراً قامت جماعة الحوثي بتطبيق ما فرضته في محافظة صعدة الواقعة تحت سيطرتها منذ عام2011، على محافظة عمران التي تبعد 50 كيلومتراً عن العاصمة اليمنية، بعدما سقطت في يدها بقوة السلاح، اذ قررت إغلاق محال بيع الأغاني ومصادرة الكاسيتات والفلاشات والأقراص المدمجة من السيارات، فضلاً عن إجبار الأهالي بمنع الأغاني في الأفراح والمناسبات وتهديد الفنانين وإلزامهم عدم العودة للغناء.
لم يكن أمام الأهالي الذين اصطدموا بمثل هذه الإجراءات التعسفية، إلا الامتثال للأوامر في ظل عملية الترهيب الممنهجة التي تتبعها الجماعة ضد المخالفين. والصادم في الأمر مبعثه ادعاء الجماعة الحوثية في مؤتمر الحوار الوطني الذي ضم مختلف القوى على الساحة اليمنية قبل شهور، أنها مع قيام دولة مدنية حديثة تستند إلى حرية المعتقد وحقوق الإنسان واحترام القوانين النافذة، غير أن كل هذه المزاعم سرعان ما يكشفها تشبث الجماعة بتكوينها الجهادي المسلح، واتباعها العنف ضد مؤسسات الدولة، إلى جانب طردها لجماعات تختلف معها في المعتقد من المساحات التي صارت تقع تحت نفوذها، ما يؤكد تناقضها الفاضح بين القول والممارسة، وبالتالي نواياها المضمرة الأقرب انحيازاً إلى قيام دولتها الدينية الخاصة.
والثابت أن جماعة الحوثيين استمرت تمارس انتهاكات الفن والفنانين حتى صارت ظاهرة خطيرة تعمل على هندسة الشعب وتحويله إلى قطيع. كما ظلت تنكر قمعها للفن في محافظة صعدة التي تكاد أن تكون دولة مستقلة وتعتبرها مجرد إشاعات لتشويهها رغم كل التأكيدات المتنامية من زائريها والأهالي.
لا يمكن للصحافة الوصول بسهولة إلى منطقة صعدة من دون قرار مسبق بالموافقة من الحوثيين، اذ يتعرض كل شيء في هذه المنطقة للرصد والمراقبة، وبسبب ذلك يتنامي خوف المنتهكين من الإفصاح عما يتعرضون له من عسف متنوع تقوم به الجماعة الشيعية المتطرفة التي تسمي نفسها تارة بجماعة أنصار الله وتارة بجماعة المسيرة القرآنية. إلا أن واقعة تعرض لها الفنان نبيل العموش في محافظة عمران، قبل أيام قليلة، كشفت حقيقة ما تمارسه الجماعة ضد الفن والفنانين بشكل خاص. وكانت عناصر حوثية مسلحة اقتحمت قاعة أعراس وسط مدينة عمران وبثت الرعب في الحضور، واختطفت الفنان واقتادته الى معتقل خاص، وأجبرته على التعهد بالامتناع عن الغناء في المنطقة المسيطر عليها من الحوثيين، وتوعدته بعقاب شديد في حال غنى من جديد، قبل أن تطلق سراحه بعد تدخل وساطات اجتماعية.
ونتيجة شعوره بالخطر والإهانة غادر نبيل العموش عمران إلى صنعاء حسب تأكيد مقربين منه... وصرح العموش أنهم قالوا له: "إذا أردت أن تغني فعليك الدخول إلى صنعاء، لأن عمران أصبحت مسلمة وتحررت من الفساد والمفسدين، وكذلك ما يطبق في صعدة سيطبق في عمران أيضاً". وهذه الحالة السافرة التي تستهدف الفن والغناء والرقص والموروث الشعبي والتقاليد الاجتماعية، سبقتها حالات مداهمات لعدد من حفلات وقاعات الأعراس في أكثر من منطقة في المحافظة وهدد عناصر الحوثي الناس و"قاموا باختطاف الفنانين والمنشدين ونهبت أو أتلفت أجهزتهم الصوتية" بحسب بيان فرع وزارة الثقافة في عمران.
تذكيراً، وعلى سبيل المقارنة، ينشط تنظيم "القاعدة" في اليمن ويحرم الغناء، ويحرض ضد مبدعيه باعتباره منكراً يسيء للإسلام حسب تصورهم القاصر. لكن بالرغم من كل ذلك، وهنا المفارقة، لم تفرض القاعدة على الأهالي ضرورة منع الأغاني ومحاربتها وفق صيغ الإكراه القسري والإجبار القهري المتبعة من قَبل جماعة الحوثي. وصحيحٌ أن "للقاعدة" جرائم مشينة وفظيعة غير مقبولة على الإطلاق. لكن الأصح أن جماعة الحوثيين، التي على صراع عقائدي مع "القاعدة"، تتفوق عليها من خلال اتباعها نهج الإكراه والإجبار المباشرين، وصولاً إلى عقاب كل من خالف الأوامر.
ولطالما تعرض فنانون ومثقفون يمنيون، خلال السنوات الماضية، إلى هجوم من تيارات أصولية سلفية، بسبب أغنية أو رأي أو قصيدة أو رواية. إلا أن المبدعين اليمنيين لا يستسلمون لإرادة هؤلاء، كما أن إرادة الإبداع في أعماقهم تظل أقوى ولا تنقطع بالرضوخ لاستلاب اضطرابات وحماقات الوعي الرجعي للأصوليين.
والشاهد أن الوعي القمعي الإسلامي بشقّيه السنّي والشيعي، ما زال يواصل التشبث بحالة خصومته مع الإبداع والتعبير، فهو الوعي الذي يعاني خللاً مركزياً في هذا السياق، كونه لا يمتلك حساً ناضجاً للتعامل مع جماليات الأفكار والفنون. لذلك فإن المجموعات الدينية الرافضة للتجدد والتحول، لا تبدع في شيء، قدر استغلالها السيء والتشويهي للدين، ما يعيق ارتقاء الإنسان وتحديث المجتمعات، كلما استمرت تلك المجموعات بقسر نموذجها المعرفي على من يقعون تحت سيطرتها.
مؤخراً قامت جماعة الحوثي بتطبيق ما فرضته في محافظة صعدة الواقعة تحت سيطرتها منذ عام2011، على محافظة عمران التي تبعد 50 كيلومتراً عن العاصمة اليمنية، بعدما سقطت في يدها بقوة السلاح، اذ قررت إغلاق محال بيع الأغاني ومصادرة الكاسيتات والفلاشات والأقراص المدمجة من السيارات، فضلاً عن إجبار الأهالي بمنع الأغاني في الأفراح والمناسبات وتهديد الفنانين وإلزامهم عدم العودة للغناء.
لم يكن أمام الأهالي الذين اصطدموا بمثل هذه الإجراءات التعسفية، إلا الامتثال للأوامر في ظل عملية الترهيب الممنهجة التي تتبعها الجماعة ضد المخالفين. والصادم في الأمر مبعثه ادعاء الجماعة الحوثية في مؤتمر الحوار الوطني الذي ضم مختلف القوى على الساحة اليمنية قبل شهور، أنها مع قيام دولة مدنية حديثة تستند إلى حرية المعتقد وحقوق الإنسان واحترام القوانين النافذة، غير أن كل هذه المزاعم سرعان ما يكشفها تشبث الجماعة بتكوينها الجهادي المسلح، واتباعها العنف ضد مؤسسات الدولة، إلى جانب طردها لجماعات تختلف معها في المعتقد من المساحات التي صارت تقع تحت نفوذها، ما يؤكد تناقضها الفاضح بين القول والممارسة، وبالتالي نواياها المضمرة الأقرب انحيازاً إلى قيام دولتها الدينية الخاصة.
والثابت أن جماعة الحوثيين استمرت تمارس انتهاكات الفن والفنانين حتى صارت ظاهرة خطيرة تعمل على هندسة الشعب وتحويله إلى قطيع. كما ظلت تنكر قمعها للفن في محافظة صعدة التي تكاد أن تكون دولة مستقلة وتعتبرها مجرد إشاعات لتشويهها رغم كل التأكيدات المتنامية من زائريها والأهالي.
لا يمكن للصحافة الوصول بسهولة إلى منطقة صعدة من دون قرار مسبق بالموافقة من الحوثيين، اذ يتعرض كل شيء في هذه المنطقة للرصد والمراقبة، وبسبب ذلك يتنامي خوف المنتهكين من الإفصاح عما يتعرضون له من عسف متنوع تقوم به الجماعة الشيعية المتطرفة التي تسمي نفسها تارة بجماعة أنصار الله وتارة بجماعة المسيرة القرآنية. إلا أن واقعة تعرض لها الفنان نبيل العموش في محافظة عمران، قبل أيام قليلة، كشفت حقيقة ما تمارسه الجماعة ضد الفن والفنانين بشكل خاص. وكانت عناصر حوثية مسلحة اقتحمت قاعة أعراس وسط مدينة عمران وبثت الرعب في الحضور، واختطفت الفنان واقتادته الى معتقل خاص، وأجبرته على التعهد بالامتناع عن الغناء في المنطقة المسيطر عليها من الحوثيين، وتوعدته بعقاب شديد في حال غنى من جديد، قبل أن تطلق سراحه بعد تدخل وساطات اجتماعية.
ونتيجة شعوره بالخطر والإهانة غادر نبيل العموش عمران إلى صنعاء حسب تأكيد مقربين منه... وصرح العموش أنهم قالوا له: "إذا أردت أن تغني فعليك الدخول إلى صنعاء، لأن عمران أصبحت مسلمة وتحررت من الفساد والمفسدين، وكذلك ما يطبق في صعدة سيطبق في عمران أيضاً". وهذه الحالة السافرة التي تستهدف الفن والغناء والرقص والموروث الشعبي والتقاليد الاجتماعية، سبقتها حالات مداهمات لعدد من حفلات وقاعات الأعراس في أكثر من منطقة في المحافظة وهدد عناصر الحوثي الناس و"قاموا باختطاف الفنانين والمنشدين ونهبت أو أتلفت أجهزتهم الصوتية" بحسب بيان فرع وزارة الثقافة في عمران.
تذكيراً، وعلى سبيل المقارنة، ينشط تنظيم "القاعدة" في اليمن ويحرم الغناء، ويحرض ضد مبدعيه باعتباره منكراً يسيء للإسلام حسب تصورهم القاصر. لكن بالرغم من كل ذلك، وهنا المفارقة، لم تفرض القاعدة على الأهالي ضرورة منع الأغاني ومحاربتها وفق صيغ الإكراه القسري والإجبار القهري المتبعة من قَبل جماعة الحوثي. وصحيحٌ أن "للقاعدة" جرائم مشينة وفظيعة غير مقبولة على الإطلاق. لكن الأصح أن جماعة الحوثيين، التي على صراع عقائدي مع "القاعدة"، تتفوق عليها من خلال اتباعها نهج الإكراه والإجبار المباشرين، وصولاً إلى عقاب كل من خالف الأوامر.
ولطالما تعرض فنانون ومثقفون يمنيون، خلال السنوات الماضية، إلى هجوم من تيارات أصولية سلفية، بسبب أغنية أو رأي أو قصيدة أو رواية. إلا أن المبدعين اليمنيين لا يستسلمون لإرادة هؤلاء، كما أن إرادة الإبداع في أعماقهم تظل أقوى ولا تنقطع بالرضوخ لاستلاب اضطرابات وحماقات الوعي الرجعي للأصوليين.
عن ABDOUHAKKI
هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
0 التعليقات :
إرسال تعليق