انطولوجيا القصة الإيرانية الحديثة في سلسلة «إبداعات عالمية»


انطلاقا من ايمان الكويت بضرورة الانفتاح على الآخر كشرط اساسي لاثراء الابداع وتعزيز التلاقح الأدبي بين الشعوب وتوسيع آفاقه اصدرت سلسلة ابداعات عالمية في عددها الأخير- المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- كتاب (انطولوجيا القصةالايرانية الحديثة) ترجمة موسى بيدج ومراجعة سمير ارشدي، والذي يجمع اعمال كوكبة مختارة من خيرة القاصين الايرانيين المعاصرين بمختلف اتجاهاتهم ومدارسهم الأدبية ليسد فراغاً في المكتبة العربية التي مابرحت تفتقر لنماذج من الآداب الشرقية مع حرصها على التواصل من خلال الندوات والمؤتمرات الفكرية وليس آخرها الندوة المهة التي اقامتها مجلة العربي تحت عنوان (العرب يتجهون شرقاً)
تضم المجموعة قصصاً لثلاثين قاصاً ايرانياً من أهم ادباء ايران خلال القرن العشرين وهم : بهرام صادقي،اسماعيل فصيح، حسن فرهنكي، ايرج بزشك زاد، غلام حسين ساعدي، رسول برويزي، محمد ايوبي، شهريار مندني، علي مؤذني، كامران سحرخيز، ابوالقاسم فقيري، ابوتراب خسروي، هوشنك كلشيري، محمود دولت آبادي، بلقيس سليماني، علي اصغر شيرزادي، جيستا يثربي، سيمين دانشور، كيومرث صابري، جمال مير صادقي، بيجن نجدي، برويز دوائي، مصطفى مستور، منصورة شريف زاده، محمد شريفي، خسرو شاهاني، جلال آل احمد، نادر ابراهيمي ومحبوبة ميرقديري.
ولا شك بان حكايا الأدب القصصي الايراني الحديث طويلة قد لا تسعها صفحات هذا الكتاب، ليفتتح المترجم عمله بنبذة بانورامية عن تاريخ تبلور القصة الحديثة في ايران، ففي سنة 1921 صدرت مجموعة قصصية للأديب محمد علي جمال زاده بعنوان «كان يا ماكان» تميزت بمنهج منطقي دقيق ورؤية نقدية و أسلوب بديع وحبكة جديدة. كانت هذه المجموعة أهم موروث تركه جمال زاده للأجيال اللاحقة، حيث أسست البنية التحتية للقصة الايرانية القصيرة ورسمت لها خارطة الطريق الذي انتهجته.
اما صادق هدايت فقد صور في بعض قصصه شطراً من طموحات جيله بشكل رمزيورسمت روايته «البومة العمياء» 1936 بريشة سريالية غير مألوفة ظروف الطبقة المخملية في عصر رضا شاه بهلوي.
وشهد فنّ الكتابة القصصية في ايران، خلال وبعيد الحرب العالمية الثانية، تياراتٍ ومناحي متنوعة، فتواصلت كتابة الروايات المسلسلة في المجلات، وكانت المضامين الرئيسة اجتماعية وتاريخية قبل كل شيء، وقد تتشكل أحياناً بأساليب تنم عن درجة شديدة من الفجاجة وعدم التمرس. وتداولت الساحة الأدبية أسماء كُتّاب جدد افتقر معظمهم للموهبة الحقيقية والإبداع الرصين رغم الكم الكبير الذي أنتجوه من القصص القصيرة والروايات والمقطوعات الأدبية التي سادها المناخ العاطفي والرومانسي في معظم الأحيان، مضافاً إلى إستلهام سطحي للأحداث الاجتماعية، وتشكيل فضاءات ذهنية غير ملموسة وغير موثقة.
ولکن ينبغي الاشارة الي أن الموجة هذه قابلتها موجة لقاصين آخرين كرسوا فنهم ليكون مرآةً تعكس واقع و تحديات الانسان فيعصرهم. لقد صوّر هؤلاء مجتمعهم بأسلوب فريد وأفكار ناضجة واستطاعوا بأفكارهموأذواقهم الوصول الى نمط خاص من الرؤى النقدية والتفكير الاجتماعي الفاعل. والحقيقة أن أعمالهم كانت صرخة معارضة في وجه الاستغلال والإجحاف الذي عانى منه مجتمعهم.
الأول هوصادق جوبك حينما نشر أولى مجاميعه الشعرية «لعبة العرائس» سنة1945 بشّر في الواقع بظهور كاتب ذي موهبة أصيلة.
اما الثاني القاص المعروف جلال آل احمد فقد جرّب منعطفات حادة في حياته، فقد كانت جذوره دينية باعتباره وليد وربيب عائلة ملتزمة دينياً، إذ كان والده رجل دين معروف. ولم يمنعه ذلك من الانخراط إبان شبابه في صفوف الحزب الشيوعي الإيراني (توده) الذي انشق عنه بعد ذلك، ووجّه آل أحمد حراب نقده اللاذع إلى الثقافة الغربية المستوردة التي تفتحت لها على مصراعيها كل بوابات البلاد، وأصدر في هذا الباب كتابه المشهور «نزعة التغريب» عام 1962م. وفي أواخر عمره غير الطويل عاد إلى بعض جذوره الثقافية مبدياً ميولاً إلى شيء من التقاليد العقلانية والموروث الإيراني، ويمكن ملاحظة هذه «العودة إلى الذات» في غالبية نتاجاته المتأخرة.
كانت الستينيات عقد تطورات سياسية واجتماعية واضحة ومؤثرة في ايران، وقد شهدت خلالها ظواهر جديدة في مضمار الكتابة القصصية أيضا، فازدادت أعداد المجلات والمطبوعات الأدبية، التي أولت إهتماماً خاصاً بفن القصة، ونقلت أعمال كثير من الكتاب الغربيين الي الفارسية ونشرتها.
السيدة سيمين دانشوراستاذة الفن وعلم الجمال في الجامعات الايرانية و زوجة الأديب الراحل جلال آل احمد دخلت عالم القصة باصدارها «النار المُطفأة» 1948 التي ينبغي ان تعد من محاولاتها الاولي في مضمار الكتابة القصصية. الّا ان مجموعتها القصصية «مدينة كالجنة» 1961بشرت بكاتبة سافر قلمها من طور التجربة الي مرحلة النضج، وازداد هذا القلم نضجاً فيرواية «سووشون» (بوح النواح) عام1969 التي اضافت للادب القصصي الايراني عملاً لايبارح الذاكرة. رواد القصة الايرانية يستعرضها الكتاب برؤية نقدية وفنية مع ترجمة لنموذج من كل قاص و قاصة تاركاً للقارئ الحكم على مستوى رقي الأدب القصصي الايراني.
يعتبر الكتاب مرجعاً مهماً يسلط الضوء على نتاج الأدب القصصي الايراني المعاصر بكل اساليبه وملامحه التي ترصد عادات وتقاليد المجتمع الايراني وتعكس صورالحياة الاجتماعية والسياسية لدى انماط وشرائح المجتمع قبل وبعد الثورة الايرانية حيث ان اغلب الاعمال ترصد مضامين الأدب الشعبي الفولكلوري وتتميز بسرد نثري زاخربالحركة والتكوين الفني والحبكة الجمالية.
نقلا عن جريدة الراي

شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار