أنطولوجيا خطب وكلمات الفائزين بـ "نوبل"

أنطولوجيا خطب وكلمات الفائزين بـ "نوبل"
عند اجتماع الكذب والعبودية تسود العزلة الإنسانية
تصدر "منشورات فلاماريون" قريباً أنطولوجيا خاصة وتضم كل الخطب أو الكلمات التي ألقاها المكرمون بجائزة "نوبل" منذ بداياتها: إنه التقليد منذ 1901 بأن يلقي الكتّاب كلمة بالمناسبة أمام اللجنة المجتمعة في ستوكهولم أثناء تقديم الجائزة.
إنهم يعدون بالتمام 109 كتّاب باستثناء القليل منهم الذي لم يلقِ خطاباً لأسباب خاصة: صاموئيل بيكيت الذي كان مريضاً يومها فأرسل ناشره جيروم ليندن ليستلم عنه الجائزة ويلقي كلمة مقتضبة وكان ذلك عام 1969، جان ـ بول سارتر رفض الجائزة عام 1964 وبوريس باسترناك الذي وجد نفسه مكرهاً على رفضها عام 1958 بضغط رسمي عليه من قبل السلطات السوفياتية. وباستثناء هذه الأسماء القليلة، كلهم ألقوا كلماتهم في ذلك اليوم المميز من حياتهم، وكلهم تجمعهم هذه الأنطولوجيا. في كل "كلمة" أو خطاب ثمة بلد مكرم أو لغة مكرمة (25 لغة تقريباً)، وكل واحد من الفائزين وجه شكره الى شخص مميز في حياته وغالباً ما يكون هذا الشخص الأم أو الجدة المرتبطتين بذكريات الطفولة الأولى. كما شكر العديد منهم ناشريهم: ميلفيل ودوبلن ولوثر لغانتر غراس، وكارل كروس وكافكا وموزيل وهيرمان بروش لآلياس كانيتي وتولستوي لروجيه مارتان دوغار ومجموعة كبيرة شكرت الايسلندي هالدور كيلجان لاكسنيس.. إضافة الى تفاصيل صغيرة خاصة بكل منهم: توماس مان عام 1919 شكر النثر والروحية الألمانيتين، والأميركية بيرل باك احتفلت بالرواية الصينية "التي تهدف الى تسلية الناس العاديين" وحازت الجائزة عن روايتها "الأرض الصينية"، والبيروفي ماريو فارغاس يوسا ذكر بشغفه وحبه الكبير لفرنسا: "وكنت اؤمن بأنني بمجرد أنني سأتنشق الهواء الذي تنشقه بلزاك وستاندال وبودلير وبروست، فهذا سيساعدني على أن أصبح كاتباً حقيقياً"... كذلك لا يمكن عدم التوقف عند كلمة الكاتب الياباني كاواباتا الذي تذكر في خطابه، وكان ذلك عام 1968، الكاتب اكوتاغاوا ريونوزوكي الذي مات منتحراً، وبعد ذلك باربعة أعوام انتحر هو أيضاً..
تنقل بعض المقاطع من خطب مكرمي وحائزي "جائزة نوبل" للآداب الى العربية:
[ (البير كامو (فرنسا)، 1957:
"(...) وبما أن هدفها (الجمعية) جمع أكبر عدد ممكن من الناس فهي لا يمكن أن تتصالح مع الكذب أو ترتضي بالعبودية. والاثنان حين يجتمعان تسود الوحدة أو العزلة الإنسانية. وأياً كانت نقاط ضعفنا إنسانياً، فان نبل مهنتنا ينبع من التزامين يصعب التمسك بهما: "رفض الكذب في كل أمر نعرف عنه والمقاومة ضد الظلم والاضطهاد".
[ جون ستاينبك (الولايات المتحدة الأميركية)، 1962.
"مهمة الكاتب تكمن في تأكيد النبل الافتراضي لقلب وروح الإنسان والاحتفال به: بطولته أو شجاعته عند الخسارة والسقوط وأيضاً الرحمة والرأفة والحب. وفي الحرب التي لا تنتهي ضد الضعف واليأس، فهو يمثل الراية التي ينضوي تحتها الأمل والتنافس. وأتمسك بفكرة أن كل كاتب لا يؤمن وبشغف بقابلية الكمال لدى الإنسان ليس موهوباً للآداب ولا مكان له فيها.
[ الكسندر سولجنستاين (الاتحاد السوفياتي)، 1970.
"خلال التبديلات المرهقة من مخيم إلى آخر التي كانت تجري في صفوف المتنقلين، وسط ضباب وجليد المساء الذي كانت صفوف الأضواء للكشافات تحدث فيها خيوطاً مضيئة، كنا دائماً نشعر وكأن الكلمات كانت تصعد إلى حناجرنا مع رغبة جامحة في أن نصرخ ونقولها في وجه العالم كله (...) وفي غرف السجون الضيقة وفي الغابات، على ضوء نار المخيمات بدأت تطلع هذه الأفكار وتتجسد في مناقشات مع ناس أصبحوا اليوم في عداد الأموات: هذه الأفكار كانت تخضع الى تجربة "هذه" الحياة. من هناك ولدت الأفكار..."
[ داريوفو (ايطاليا)، 1997.
"وفي ما يختص بالحكواتيين، لا يمكن أن أنسى أولئك الذين كانوا في "لاك ماجور" المنطقة التي ولدت وترعرعت فيها، حيث انغمس هذا التقليد في داخلي: الحكواتي العتيق الذي كان يشبه أولئك الذين كانوا ينفخون الزجاج ويعلمونا نحن الصغار من حولهم المهنة وفن السرد لحكايات عبثية نستمع اليها حيث تبدأ بفترات صمت تشرح الصدمة الايجابية حين نستمع وأفواهنا مفتوحة من شدة الإعجاب أمام ذاك السحر الذي ينتصر أخيراً أمام كل ضجيج آخر.
[ غانترغراس (ألمانيا)، 1999
"الميل إلى أحلام الواقع الطويلة وفي وضح النهار، الرغبة في إلعاب الكلمات، العطش أمام الكذب للتسلية ـ وكل ذلك وبكل بساطة لأنني توصلت الى نتيجة مميتة وهي أن الواقع ممل للغاية.. ولكن باختصار، ما يسمونه الموهبة (وهي كلمة غير مؤكدة) وكنت ربما امتلكها مسبقاً لم تتوضح سوى عندما دخلت السياسة فجأة في العائلة فجعلت هذه الموهبة الخفيفة في البداية تتدفق (...) في الخامسة عشرة، كنت في لباس المدرسة، في السادسة عشرة تعلمت الخوف، في السابعة عشرة وجدت نفسي أسير حرب الأميركيين، في الثامنة عشرة كنت حراً أبيع في السوق السوداء..."
[ ج.ام.ج لوكليزيو (فرنسا/جزيرة موريس)، 2008.
"إذا تأملت في الظروف التي قادتني الى الكتابة (...) أرى أنه قبل كل شيء، كانت هناك الحرب (...) تلك التي كان يعيشها المدنيون وبخاصة الأولاد الصغار (...) كنا نشعر بالجوع، كنا نشعر بالخوف، كنا نشعر بالبرد، وهذا كل شيء (...) كانت ظروف تجبرنا على ايجاد سبل أخرى للهروب ـ أي للحلم وكتابة تلك الأحلام".
[ ماريو فارغاس يوسا (البيرو)، 2010.
"كانت القراءة تحول الحلم حياة" والحياة حلماً وهي تضع بين يدي ذاك الصغير الذي كنته، عالم الأدب. كانت أمي تخبرني أن أول ما كتبته كان نهايات مختلفة لكل القصص التي كنت اقرأها وأنا صغير، أما لأنني حزين بأن تنتهي أو لأنني كنت أريد أن أصحح النهاية. وربما هذا بالتحديد ما أقوم به طوال حياتي من دون أن أدري: أن أمتد في الزمن، وأن أتقدم في السن وأنضج وأشيخ، القصص التي قرأتها في طفولتي وملأت تلك الطفولة بالدهشة والمغامرات".
[ مويان (الصين)، 2012
"في زمن ما، قدم الى السوق حكواتي. وكنت أذهب خفية لأستمع اليه (...) وفي المساء، وعلى ضوء قنديل الزيت الخافت، وحين كنت أرى أمي خائفة أو مهمومة (...) وكان ذلك أقوى مني، كنت أروح وأسرد لها القصة التي سمعتها (...) ولكن سرعان ما صرت لا أكتفي بالقصة البسيطة كما هي بل ابتعدت عن ترداد ما أسمعه ورحت أجمل القصة على طريقتي (...) وكانت أمي المنشغلة أحياناً تقول لي: "آه، يا بني، أي نوع من الرجال ستكون حين تكبر؟ وهل يمكن أن تشاء الصدف أن تكسب رزقك من ثرثرتك هذه؟ (...) والولد الذي كان يستمع الى القصص بكل أذنيه الصاغية والذي كان قد أصبح حكواتياً بدوره، قرر أن يتوقف عن نقل القصص على لسانه وأن يستبدلها بالقلم (...) في تلك المرحلة، لم أكن لاستوعب بأن العشرين عاماً الذين قضيتها في اختبار الحياة في القرية كانت ستشكل الركيزة لكتابتي الأدبية في ما بعد. وكنت أظن أن الأدب حكر على أشخاص يتمتعون بصفات عالية ويقومون بأعمال خارقة تخولهم بأن يكونوا أبطالاً (...

إعداد وترجمة: كوليت مرشليان
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار