أعطاب تدبير الإدارة المحلية بين دفتيْ كتاب :الطاهر الطويل


دعا الباحث المغربي ميلود الياسمني إلى إحداث مبادرة وطنية تحت اسم "المبادرة الوطنية لتنمية الموارد البشرية بالإدارة العمومية المحلية" على غرار تلك المتعلقة بالتنمية البشرية، بهدف تأهيل الرأسمال البشري الذي تتوفر عليه الجماعات المحلية المغربية، وتحسيسه بكونه محور التنمية المحلية ورافعة لها وتمكينه من جميع المحفزات لمواجهة التحديات والمساهمة في الرفع من مستوى خدمات الإدارة العمومية المحلية.
جاء ذلك في كتاب صدر حديثا بعنوان: "الموارد البشرية بالإدارة العمومية المحلية: عوامل التعطيل وآليات التأهيل". وقد تأتت أهمية هذا الإصدار من كون مؤلِّفه جمع بين ثلاثة معطيات: الممارسة الميدانية باعتباره موظفا في دائرة حضرية بالرباط، والتكوين المتخصص في مجالي القانون والإدارة، والإبداع الأدبي الذي مكنه من آليات التعبير والغوص في مكامن الأشياء.
إذا كان مؤلف الكتاب يدعو إلى تأهيل الموارد البشرية وتطويرها، فإنه في الوقت نفسه يطالب بالتخلص مما يسميها حالة "الفكر الاستيهامي" التي يقول إنها تستحوذ على ذهنية مجموعة من المسؤولين (مستشارين ومسؤولين إداريين...) الذين يرون في الجماعة أو الإدارة العمومية المحلية برجا عاجيا لممارسة نوع من الاستعلاء على الموظفين والأعوان لكونهم غير مكونين وغير مؤهلين. وفي المقابل يرى ميلود الياسمني أنه ينبغي تخليص السواد الأعظم من الموظفين والأعوان ـ ولاسيما الأطر ذوي الكفاءات والقدرات المهنية الخلاقة ـ من أفكار النزعة التواكلية التي باتت تحكمهم وتتحكم فيهم، والقائمة أساسا على ترقب وانتظار من سيأتي ليخلصهم من حالات الاحتقار والإقصاء والتهميش والإحباط والنظرة الدونية.
ولن يتحقق ذلك ـ برأي الكاتب ـ سوى باعتماد مقاربة ثلاثية الإجراءات، يتجلى أولها في إحداث نظام تدبيري جيد وعادل ومنصف للموارد البشرية، بينما يتعلق الإجراء الثاني في إعطاء الموظف والعون الجماعي القيمة الحقيقية التي يستحقها باعتباره محور التنمية المحلية والعمود الفقري للحكامة الجيدة. أما الإجراء الثالث فهو التمهيد لتأسيس أرضية تكون منطلقا للمزيد من الدراسات والأبحاث المنصبّة على موضوع الموارد البشرية في الإدارة العمومية المحلية.
يحلل الياسمني عوامل التعطيل التي تعوق الأداء الجيد للإدارة المحلية محددا إياها في ستة تمظهرات: هيمنة الرتابة والتفكير السلبي على الموظف والأعوان، الهدر وتفشي الأمية الإداريين، غياب التواصل السليم والجاد، غياب المرونة أو استراتيجية البدائل، التعيينات في مناصب المسؤولية، غياب استراتيجية الفعالية القصوى.
أما آليات التأهيل التي يقترحها المؤلف فهي: إحداث خلية للتواصل، الاستعانة الفعلية بأنظمة التدبير التوقعي، التربية على حسن تدبير الوقت، تفعيل ميكانيزمات التحفيز، حسن التعامل مع بطاقة التنقيط السنوي، تحقيق التوازن في توزيع الموارد البشرية.

ويعتقد ميلود الياسميني أن الأهداف المرسومة في كتابه لن تتحقق ما لم تواكبها مجهودات  كبرى في المجال التشريعي والتنظيمي وذلك بنهج أحد التوجهين، إما إعادة صياغة النظام الأساسي الخاص بموظفي الجماعات المحلية حتى يواكب مختلف التعديلات التي طالت الميثاق الجماعي، ويساير التغييرات والمستجدات التي تعرفها الجماعة من خلال المهام والمسؤوليات التي أنيطت بها؛ وإما بإلغاء الاعتماد على هذا النظام كإطار مرجعي والاكتفاء مباشرة بتطبيق كل مقتضيات القانون الأساسي للوظيفة العمومية. ويميل الكاتب إلى هذا الاختيار الثاني، معبّراً عن اعتقاده بكونه الأجدر بالاتباع والحريّ بالتطبيق، من أجل وضع حد للتعامل بنظام الازدواجية الذي يعرفه القطاع الإداري بالمغرب (الوظيفة العمومية للدولة والوظيفة العمومية المحلية).       
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار