الرباط- صدر مؤخرا عن دار النشر "بريس أونفيرسيتير"
في فرنسا كتاب "القضايا الجيو – سياسية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط" لمؤلفيه
المغربيين، بشرى رحموني بنحيدة و يونس السلاوي، الاستاذين الباحثين في المدرسة العليا
للتدبير في الدار البيضاء "إسكا"، واللذين حاولا من خلاله تسليط الضوء على
القضايا الجيوسياسية الحالية لحوض البحر الأبيض المتوسط، المنطقة التي تمتد على مسافة
8000 كلم من جنوب البرتغال إلى أفغانستان.
من خلال سبعة فصول، خصص كل منها لتحد إنمائي رئيسي
في منطقة البحر الأبيض المتوسط، يلقي الباحثان بشرى رحموني بنحيدة ويونس السلاوي نظرة
تحليلية، استنادا على دراسات جامعية وإحصاءات وتحاليل خبراء، على تفاعل القوى بين ضفتي
البحر الأبيض المتوسط والتغيرات الجيوسياسية الأخيرة التي قد تساهم في تشكيل مستقبل
هذه المنطقة الحساسة على الصعيد العالمي.
وتم في هذا الصدد التوقف بإمعان عند مفهومين متناقضين
تماما، يتعلق أولهما بفكرة الفجوة في حوض البحر الأبيض المتوسط، الذي يتميز بتباين
اقتصادي وديموغرافي وأيضا في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بين ضفتيه الشمالية والجنوبية،
في مقابل مفهوم مناقض يطرح فكرة مثالية عن المتوسط كعامل موحد بهدف التقريب بين الضفتين.
هذا التقارب الذي هو "حلم لكلا الضفتين"
ينبغي، وفقا للكتابين، أن يستند على ثلاثة ركائز: ركيزة اقتصادية، خاصة عبر اتفاقيات
التبادل الحر، وركيزة سوسيو ثقافية، عبر تعزيز المشترك الثقافي، وتشجيع التبادل بين
المجتمعات المدنية وتنقل الاشخاص.
ومع ذلك، يسجل المؤلفان أن هذه المجالات الثلاثة،
التي تعتبر أساسية لبناء منطقة سلام وأمن وازدهار مشترك، هي أقرب حتى الآن إلى التمني
منها إلى الواقع ،حيث أن هذه الركائز الثلاث ظلت موضوع إعلان نوايا حسنة دون أن الانتقال
إلى الإنجاز الملموس والمفيد.
وبالنظر إلى مدى الهوة التي تتسع بين شمال وجنوب
حوض البحر الأبيض المتوسط، يطرح التساؤل حول مدى قدرة الحوض المتوسطي على خلق لقاءات
وإجراء مبادلات، وإبراز مركزية القيم الجماعية وبعبارة أخرى، "هل هناك هوية خاصة
بالبحر الأبيض المتوسط قادرة على توحيد الشعوب ؟".
أحد عناصر الجواب على هذا السؤال يكمن في التاريخ
والثقافة، واللذين يدعو الكتاب إلى استخدامهما كأرضية للتفاهم تمكن من بناء مجتمع متوسطي
يعزز بشكل أفضل التفاهم بين شعوب المنطقة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق