هل يفوز فلاديمير بوتين بنوبل للسلام ؟ بقلم: سعيد بوخليط


تداولت وسائل الإعلام الدولية أخيرا،خبرا لا أعرف هل ينعت بالطريف؟أم حقا عين العقل ؟انسجاما مع منطق هذا الزمان الموحش الذي انقلبت فيه القيم رأسا على عقب.الأمر، يتعلق بترشيح بوتين للظفر بجائزة نوبل للسلام.من يدري؟ ربما يعلن اسمه فائزا،يوم 11أكتوبر. المبادرة،تقدمت بها "الأكاديمية الدولية للوحدة الروحية وتعاون شعوب العالم"،برئاسة "غيوركي ترابيزنيكوف"،الذي أخبر الرأي العام،بأن هيئة الترشيح قد بعثت رسالة بهذا الخصوص،إلى لجنة نوبل يوم 16شتنبر.
حسب دعاة المبادرة ،يكمن السبب الوجيه،في جهود بوتين الدولية، من أجل إرساء السلم ليس فقط داخل سوريا عبر المقترح الروسي بتفكيك الترسانة الكيماوية السورية،الذي جنب المنطقة والعالم حربا عاتية ،بل على امتداد جهات أخرى.في هذا الإطار،ومن باب المفاضلة بين فائز سابق هو أوباما ثم بوتين المترشح الحالي،أكد المغني والنائب الروسي "يوسف كوبزون"، أحد داعمي بوتين كي يحول نحو رصيده المالي مبلغا إضافيا ضخما يقدر بمليون دولار،قيمة الجائزة المالية،أن الأخير، أكثر استحقاقا لنوبل من أوباما، الذي ذهبت إليه خطأ،ويده ملطخة بدماء العراقيين والأفغانيين،أما بوتين فيحاول إيقاف حمام الدم المنساب في سوريا !!.
كل العالم، يعلم علم اليقين،أنه لولا تواجد بوتين في قمة الهرم الروسي، صاحب شعار، وهو لازال يشتغل تحت إمرة رئيسه السابق يلتسين : ((سألقي بالإرهابيين في المرحاض)) ،لما بقي يوم واحد في عمر بشار،وكان سينتهي خلال شهور قليلة من بداية الثورة،إلى مزبلة التاريخ،على شاكلة أفظع من سابقه القذافي.
لكن،من يستخبر كذلك جيدا عن عقلية بوتين المخابراتية ودهائه السياسي،المستندان في كثير من روافدهما على الحس "المافيوزي" الروسي،سيتأتى له بسرعة استنتاج،أن شخصا من طينة بوتين،يترصد فقط المقايضة الثمينة خلال اللحظة المناسبة،كي يتخلى عن الجمل بما حمل،تاركا بشار وفريقه في مواجهة المصير الحتمي.
صحيح،أن بوتين الملقب بقيصر روسيا الجديد،تطلع أشد التطلع منذ بداية ولايته الأولى سنة2000،كي يجر البساط ما أمكنه السعي،من تحت أقدام الولايات المتحدة الأمريكية،وإرجاع روسيا بعد عهد الاتحاد السوفياتي،إلى قلب المعادلة الدولية،بناء على قناعته اليقينية :((لابد لروسيا أن تؤثر على الأحداث التي تجري في العالم،وليس الاكتفاء فقط بالمراقبة عن بعد،خصوصا في الأماكن التي بها المصالح الروسية)).هكذاعارض،استقلال إقليم كوسوفو عن  صربيا، وغزو العراق سنة 2003، ثم مافتئ يؤكد باستمرار أن :((سوريا ليست ليبيا)).
غير أنه إذا سلمنا جدلا،بصدق هذا التوجه القومي لدى بوتين،الشيوعي السابق والمتشبع حتى النخاع بأدبيات "الكي جي بي "،فإن عماءه تجاه قضية الشعب السوري ودعمه المطلق لجرم بشار،جعل منه شريكا جوهريا،إن لم يكن مسؤولا أول، عن المآل الجحيمي الذي انتهى إليه الوضع الحالي للسوريين، لأن فيتو روسيا بوتين وقف منذ البداية،سدا منيعا أمام تطلعات الشعب السوري.
بوتين،المحتمل أن "يحتفي" به العالم كصانع للسلام،هو الذي قتل خلف بشار الأسد،مائة وخمسة عشر ألف ضحية من مختلف أعمار السوريين. أما، المحظوظين فيتوهون حاليا تشردا وتسكعا،بين صحاري وغابات ومغارات موحشة،بعد أن أنقذتهم الصدفة وحدها،من مخالب طائرات الميغ والصواريخ الباليستية الروسية،وتخلصوا بكيفية ما،من ملاحقة الخبراء والجواسيس الروس،الذين يمشطون الأراضي السورية، لدعم أجهزة النظام كي يلاحق ويعتقل الناشطين. ثم من يدري، ربما كان للعاهرات الروسيات بدورهن حضورا في الميدان،بهدف الرفع من معنويات قوات بشار وتحفيز مقاتليه.أيضا، غاز السارين،تسلمه النظام السوري من موسكو.
نتيجة لكل هذا وذاك، فإن حدث وحظي بوتين بلقب زعيم للسلام لسنة2013 ،ستواصل حتما لجنة نوبل حلقات حماقاتها ومهازلها التي دشنتها سنة 1973،بإعلانها تتويج ثعلب الخارجية الأمريكية الشهير هنري كيسنجر مناصفة مع الفيتنامي "دوكتو"،بناء على مبرر كونه مهندس سلام، أوقف الحرب بين أمريكا والفيتنام. بينما في واقع الأمر،كان ممثلا دبلوماسيا لهجمة بلده الهمجية، لم يشهد لها التاريخ مثيلا،مارسها الجيش الأمريكي بسادية في حق بسطاء الفلاحين الفيتناميين،لن توازيها في هذا الشأن،غير مافعلته قساوة بوتين بالشعب الشيشاني قتلا وفتكا وتعذيبا،بحيث يتداول الروسيون حكاية موحية،مفادها أن لاعب الجيدو المحترف المعروف ببرودة أعصابه،يصبح فجأة غاضبا وإجراميا كلما وصلت إلى أذنيه كلمة "شيشان".
يحيلنا الكلام أيضا،على صقور الحركة الصهيونية من قبيل شيمون بريس، إسحاق رابين، مناحيم بيغن،الذين توجوا كونيا باعتبارهم رسل سلام، بينما يجسدون في حقيقتهم، أهم قتلة العصر الحديث.سخرية التاريخ بلا شك،إنه الوصف الأمثل لوقائع كهاته.نعت، نحتته مخيلة مجموعة من المهتمين والمتابعين، لما أعلنت لجنة نوبل يوم الجمعة 19أكتوبر2009، عن فوز أوباما بلقب رجل السلام،ولم تتجاوز آنذاك فترة دخوله البيت الأبيض عشرة أشهر،قضى معظمها في إلقاء خطب مجانية،دون تفعيله لأي مبادرة عملية بخصوص التركة المتعفنة لسلفه بوش، تهم ملفات شائكة مثل : غوانتنامو والعراق وأفغانستان وفلسطين وإيران.الغريب، أن منحه وسام السلام، جاء بعد ساعات قليلة من ترأسه لمجلس حربي حول أفغانستان.بيد، أن ما يحسب لأوباما، مقارنة مع باقي المصنفين ضمن حمائم السلام ظلما وعدوانا واستغباء لذكاء الناس، تحليه بشجاعة معنوية كافية عندما اعترف قائلا :((وللحقيقة،لا أشعر بأنني أستحق التواجد إلى جوار أشخاص غيروا حقبتهم،فحصلوا بالتالي على الجائزة)).
يجمع المناهضون، لنوعية النظام السياسي الذي يريده بوتين، أن الأخير،ديكتاتور بكل ما تحمله الكلمة من معنى،لا يختلف عن ستالين في شيء.لذلك، مساندته اللا مشروطة لبشار، بقدر كونها تعود إلى محددات موضوعية،مرتبطة بالمصالح الكبرى لروسيا في الشرق الأوسط، فإن بوتين ضابط المخابرات السابق، الذي اشتغل في ألمانيا الشرقية لسنوات، يمقت نفسيا الثورات مقتا شديدا، ولا يأبه كليا بالأجواء الديمقراطية والمؤسسات،إلخ.هكذا، مهد مختلف الطرق كي يحافظ على قيادته للكرملين،أبرزها إخراجه الجيد لتمثيلية مع صديقه أو بالأحرى، صنيعته السياسية ديمتري ميدفيديف، كي يعود ثانية من بوابة رئاسة الوزراء إلى قيادة الدولة،بعد إنهائه لولايتين(2000-2004 )ثم (2004-2008) ، وتنصيص بنود الدستور بعدم أحقية الترشح لولاية ثالثة. فكر في إمكانية خلق ثغرة عبر تبادله الدور مع ميدفيديف، متحايلا على القانون، كي يواصل سيطرته على مقاليد الحكم ربما حتى سنة2024،بعد نجاحه في انتخابات مارس2012،لمدة رئاسية ثالثة تستمر ستة أعوام.نتيجة،أثارت زوبعة داخل روسيا.لم يستسغها معارضوه،مشككين في نزاهتها وبأنها تعرضت للتزوير،مما أدى إلى خروج مظاهرات عديدة.
حتما،كثيرة هي المواهب والصفات المميزة لبوتين، حين مقارنته بأغلب زعماء العالم الحاليين، تجعله أقرب إلى نجوم السينما وأبطال الأفلام الهوليودية.فرجل الدولة،القادم من جهاز المخابرات القاسي،هو كذلك كما تحكي يومياته،محبوب المراهقات وصاحب العلاقات الغرامية العديدة،آخرها مع الجميلة "إيلينا كابايفا" لاعبة الجمباز الروسية. حاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد، يتقن اللغتين الانجليزية والألمانية،عازف بارع على البيانو،ممارس محترف لفنون قتالية لكنه متخصص في الجيدو.سائق للطائرة المقاتلة وسيارة "الفورمولاون"،وكابتن الغواصة النووية.يفضل قضاء عطله في رحلات الصيد،راكبا الخيل وكاشفا عن صدره العاري بجسم رياضي مفتول العضلات،بحيث التقطت لبوتين صورا متنوعة مع وحوش برية كالنمر والفهد والذب القطبي. يتقن الغوص والرماية والفروسية،كما أنه شغوف بالتزلج على الجليد.
يحكى،بأن بوتين عاد من رحلة لتعقب الحيتان بين البحار العاتية،فسأله أحد الصحفيين بنبرة قلقة :((فلاديمير،لماذا كل هذه المخاطر! أتعي ذلك !)) .رد، بوتين بسرعة :(( الحياة مخاطر)).
غير،أن استثنائية الرجل الفيزيائية والحياتية،وصلا بممارسته السياسية التي تهمنا أساسا في هذا المجال،تجعله أبعد ما يكون عن تكريس القيم الإنسانية النبيلة،وفي مقدمتها بالتأكيد السلام بين البشر.                  
       

  
 

          
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار