صدر كتاب: "إدمان السياسة
.. سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية" للكاتب جورج كتن، عن دار العارف للمطبوعات
ببيروت .. الكتاب من حيث الترتيب هو الرابع، ولكن من حيث الأهمية لمؤلفه فهو الأول،
وحصيلة تجربة طويلة من الاهتمام بالشأن العام يتحدث عن العقود السبعة التي عاشها الكاتب
منذ اربعينيات القرن الماضي، منذ طفولته في مدينة القدس التي بدأت بنكبة فلسطينية ثم
هجرة ورحيل لموطن جديد ليشهد ملامح الحياة السياسية الديمقراطية في سوريا ثم الانقلابات
العسكرية المتوالية، ولينخرط في الاهتمام بالسياسة التي أدمنها منذ الصغر بحكم عوامل
عديدة منها بشكل خاص هزيمة 48، ليتعزز الأمل في تجاوزها مع صعود عبدالناصر للسلطة،
والتعلق بالوحدة العربية كحل سحري يعيد للعرب القدرة على صنع تاريخهم من جديد، والانخراط
في التيار الناصري وخاصة في أجواء القاهرة التي درس في جامعتها، بالإضافة للانتماء
لتنظيم "حركة القوميين العرب"، الذي كان، حسب اعتقاده حينها، رافعة مهمة
لتحقيق الأهداف الكبيرة.
تتعرض السيرة لما عايشه الكاتب من تطورات في
"الحركة" بالانتقال من الافكار القومية التقليدية إلى الأفكار الاشتراكية،
ودور “الحركة" في الأحداث الجارية، والهزيمة التي شهدتها بانهيار الوحدة وإعلان
الانفصال السوري، الذي تلاه تجربة الكاتب الأولى في الاعتقال السياسي، ثم مواكبته لانقلاب
8 مارس/آذار الذي أتى بحزب البعث للسلطة والذي أدى الصراع معه من خلال "الحركة"
لاعتقال جديد للكاتب، إلى أن وقعت هزيمة يونيو/حزيران وأثرها الكبير على "الحركة"
التي هربت للأمام نحو الأفكار الماركسية والكفاح المسلح.
وينتقل الكاتب للأردن للالتحاق بالجبهة الشعبية
ثم يساهم بتشكيل ما اصطلح على تسميته "البؤرة الغيفارية" على حدود الجولان
في محاولة فشلت منذ بدايتها في إرساء "مقاومة" سورية مفترضة للاحتلال.
كما تتحدث السيرة عما مر به الكاتب من اعتقال جديد
لثلاث سنوات من قبل الأجهزة الأمنية التي كان يقودها عبدالكريم الجندي. لينتقل بعد
الخروج من السجن مباشرة إلى لبنان للمشاركة في العمل العسكري للجبهة الديمقراطية التي
كان يقودها نايف حواتمة، إلى أن تركها بعد ان شهد بدايات الحرب الأهلية اللبنانية،
لتكون بذلك نهاية عمله السياسي الملتزم بتنظيم ما، ولكن ليبقى الاهتمام بالشأن السياسي
ومتابعته.
خلال هذه الفترة تطور فكر الكاتب من الماركسية إلى
نقدها مع اكتشاف المفكر الماركسي المصري سمير امين، وقراءات لمرقص والحافظ ودويتشر
وروزا لوكسمبورغ وتروتسكي وغيرهم، بالإضافة لمتابعة التمردات على الهيمنة السوفييتية
في أوروبا الشرقية بدءاً بثورة المجر ثم ربيع براغ وحركة التضامن البولونية، مع خوض
نقاشات حول جميع هذه الافكار والأحداث مع شلل من الأصدقاء المتابعين للشأن السياسي
في سوريا، الذي تلاه كتابة دراسة عن بيروسترويكا غورباتشوف في الاتحاد السوفييتي، التي
أعقبها سقوط جدار برلين وتحرر دول أوروبا الشرقية من الهيمنة السوفييتية ثم انهيار
الاتحاد السوفييتي نفسه. لينتقل الكاتب من نقد الماركسية من داخلها إلى نقدها بعد التخلي
عنها بنشر دراسة حول "أولوية الوقائع على النصوص"، والتوجه لكتابة مقالات
سياسية في نشرات لتنظيمات سياسية ثم في صحف عربية.
المقالات السياسية بأغلبها عكست الهم الديمقراطي
الذي أصبح له الأهمية الأولى لدى الكاتب بالإضافة لحقوق الإنسان والحقوق القومية للأقليات
وحقوق المرأة والحريات الدينية.
لم يغب الاهتمام بالشأن الفلسطيني، لكنه أصبح في
المرتبة الثانية مع القبول بالحل المرحلي بإنشاء دولة فلسطينية في الضفة وغزة وبفك
الاشتباك التاريخي مع إسرائيل. وصار بإمكان الكاتب أن ينشر مقالاته في صحف سورية ومواقع
الكترونية، متعرضاً لانطلاق "ربيع دمشق" أوائل الألفية الثالثة، و"غزوة
نيويورك" الإرهابية وما ادت إليه من تغييرات في السياسة الخارجية الاميركية تجاه
المنطقة العربية والعالم، ليليها غزو أفغانستان و"الزلزال العراقي" الذي
أدى لاستئصال أول نظام ديكتاتوري عربي.
كما يشير النص لمشاركة الكاتب في مؤتمر قبرص لحق
العودة الفلسطيني ومؤتمر إربيل الذي اهتم بالعلاقات الكردية العربية، فالمسألة الكردية
كانت من اهتماماته التي جسدها في مقالات متعددة. ويعطي النص فكرة عن كتابين ألفهما
بمشاركة وليد مبيض، يبحث أحدهما في العلاقات الروسية العربية في القرن العشرين، والآخر
في خيارات إيران المعاصرة، بالإضافة لفكرة عما تضمنته دراسة لـ “إشكالية الديمقراطية
في حركة القوميين العرب".
كما يعرض الكتاب لمقالات نقدية للاتجاهات السياسية
الرئيسية، التيار القومي العربي، وتيار الإسلام السياسي بتنوعاته، حماس وحزب الله والإخوان
المسلمين السوريين والطالبان والمحاكم الإسلامية الصومالية، والنظام الديني الإيراني.
ويتعرض الكتاب لما نشره المؤلف حول قضايا الاقليات
في المنطقة العربية ومنها القبطية والامازيغية والأيزيدية والبهائية، وأزمة الوجود
المسيحي في المشرق العربي. ويبدي اهتماما خاصاً بالشأن السوري من خلال مناقشة محاولات
الإصلاح السياسي الفاشلة للنظام السوري، ونقد المعارضة السورية وإعلان دمشق من موقع
مؤيد، بالإضافة لمشاركة الكاتب في مؤتمر للمعارضة السورية بواشنطن، ولتقديم اقتراحات
لبرنامج ليبرالي سوري كمشاركة في "ورشة نقاش سورية" تضم مهتمين بانتقال سوريا
من الاستبداد إلى الديمقراطية. وينتهي الكتاب برأي المؤلف في ثورات الربيع العربي وأمله
في نجاح الثورة السورية، بعد عرض سيرة، تكاد تكون سياسية أكثر منها ذاتية، موزعة على
480 صفحة، لمشاركته ومتابعته وشهادته على العصر خلال حياته الحافلة.
صدر كتاب: "إدمان السياسة
.. سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية" للكاتب جورج كتن، عن دار العارف للمطبوعات
ببيروت .. الكتاب من حيث الترتيب هو الرابع، ولكن من حيث الأهمية لمؤلفه فهو الأول،
وحصيلة تجربة طويلة من الاهتمام بالشأن العام يتحدث عن العقود السبعة التي عاشها الكاتب
منذ اربعينيات القرن الماضي، منذ طفولته في مدينة القدس التي بدأت بنكبة فلسطينية ثم
هجرة ورحيل لموطن جديد ليشهد ملامح الحياة السياسية الديمقراطية في سوريا ثم الانقلابات
العسكرية المتوالية، ولينخرط في الاهتمام بالسياسة التي أدمنها منذ الصغر بحكم عوامل
عديدة منها بشكل خاص هزيمة 48، ليتعزز الأمل في تجاوزها مع صعود عبدالناصر للسلطة،
والتعلق بالوحدة العربية كحل سحري يعيد للعرب القدرة على صنع تاريخهم من جديد، والانخراط
في التيار الناصري وخاصة في أجواء القاهرة التي درس في جامعتها، بالإضافة للانتماء
لتنظيم "حركة القوميين العرب"، الذي كان، حسب اعتقاده حينها، رافعة مهمة
لتحقيق الأهداف الكبيرة.
تتعرض السيرة لما عايشه الكاتب من تطورات في
"الحركة" بالانتقال من الافكار القومية التقليدية إلى الأفكار الاشتراكية،
ودور “الحركة" في الأحداث الجارية، والهزيمة التي شهدتها بانهيار الوحدة وإعلان
الانفصال السوري، الذي تلاه تجربة الكاتب الأولى في الاعتقال السياسي، ثم مواكبته لانقلاب
8 مارس/آذار الذي أتى بحزب البعث للسلطة والذي أدى الصراع معه من خلال "الحركة"
لاعتقال جديد للكاتب، إلى أن وقعت هزيمة يونيو/حزيران وأثرها الكبير على "الحركة"
التي هربت للأمام نحو الأفكار الماركسية والكفاح المسلح.
وينتقل الكاتب للأردن للالتحاق بالجبهة الشعبية
ثم يساهم بتشكيل ما اصطلح على تسميته "البؤرة الغيفارية" على حدود الجولان
في محاولة فشلت منذ بدايتها في إرساء "مقاومة" سورية مفترضة للاحتلال.
كما تتحدث السيرة عما مر به الكاتب من اعتقال جديد
لثلاث سنوات من قبل الأجهزة الأمنية التي كان يقودها عبدالكريم الجندي. لينتقل بعد
الخروج من السجن مباشرة إلى لبنان للمشاركة في العمل العسكري للجبهة الديمقراطية التي
كان يقودها نايف حواتمة، إلى أن تركها بعد ان شهد بدايات الحرب الأهلية اللبنانية،
لتكون بذلك نهاية عمله السياسي الملتزم بتنظيم ما، ولكن ليبقى الاهتمام بالشأن السياسي
ومتابعته.
خلال هذه الفترة تطور فكر الكاتب من الماركسية إلى
نقدها مع اكتشاف المفكر الماركسي المصري سمير امين، وقراءات لمرقص والحافظ ودويتشر
وروزا لوكسمبورغ وتروتسكي وغيرهم، بالإضافة لمتابعة التمردات على الهيمنة السوفييتية
في أوروبا الشرقية بدءاً بثورة المجر ثم ربيع براغ وحركة التضامن البولونية، مع خوض
نقاشات حول جميع هذه الافكار والأحداث مع شلل من الأصدقاء المتابعين للشأن السياسي
في سوريا، الذي تلاه كتابة دراسة عن بيروسترويكا غورباتشوف في الاتحاد السوفييتي، التي
أعقبها سقوط جدار برلين وتحرر دول أوروبا الشرقية من الهيمنة السوفييتية ثم انهيار
الاتحاد السوفييتي نفسه. لينتقل الكاتب من نقد الماركسية من داخلها إلى نقدها بعد التخلي
عنها بنشر دراسة حول "أولوية الوقائع على النصوص"، والتوجه لكتابة مقالات
سياسية في نشرات لتنظيمات سياسية ثم في صحف عربية.
المقالات السياسية بأغلبها عكست الهم الديمقراطي
الذي أصبح له الأهمية الأولى لدى الكاتب بالإضافة لحقوق الإنسان والحقوق القومية للأقليات
وحقوق المرأة والحريات الدينية.
لم يغب الاهتمام بالشأن الفلسطيني، لكنه أصبح في
المرتبة الثانية مع القبول بالحل المرحلي بإنشاء دولة فلسطينية في الضفة وغزة وبفك
الاشتباك التاريخي مع إسرائيل. وصار بإمكان الكاتب أن ينشر مقالاته في صحف سورية ومواقع
الكترونية، متعرضاً لانطلاق "ربيع دمشق" أوائل الألفية الثالثة، و"غزوة
نيويورك" الإرهابية وما ادت إليه من تغييرات في السياسة الخارجية الاميركية تجاه
المنطقة العربية والعالم، ليليها غزو أفغانستان و"الزلزال العراقي" الذي
أدى لاستئصال أول نظام ديكتاتوري عربي.
كما يشير النص لمشاركة الكاتب في مؤتمر قبرص لحق
العودة الفلسطيني ومؤتمر إربيل الذي اهتم بالعلاقات الكردية العربية، فالمسألة الكردية
كانت من اهتماماته التي جسدها في مقالات متعددة. ويعطي النص فكرة عن كتابين ألفهما
بمشاركة وليد مبيض، يبحث أحدهما في العلاقات الروسية العربية في القرن العشرين، والآخر
في خيارات إيران المعاصرة، بالإضافة لفكرة عما تضمنته دراسة لـ “إشكالية الديمقراطية
في حركة القوميين العرب".
كما يعرض الكتاب لمقالات نقدية للاتجاهات السياسية
الرئيسية، التيار القومي العربي، وتيار الإسلام السياسي بتنوعاته، حماس وحزب الله والإخوان
المسلمين السوريين والطالبان والمحاكم الإسلامية الصومالية، والنظام الديني الإيراني.
ويتعرض الكتاب لما نشره المؤلف حول قضايا الاقليات
في المنطقة العربية ومنها القبطية والامازيغية والأيزيدية والبهائية، وأزمة الوجود
المسيحي في المشرق العربي. ويبدي اهتماما خاصاً بالشأن السوري من خلال مناقشة محاولات
الإصلاح السياسي الفاشلة للنظام السوري، ونقد المعارضة السورية وإعلان دمشق من موقع
مؤيد، بالإضافة لمشاركة الكاتب في مؤتمر للمعارضة السورية بواشنطن، ولتقديم اقتراحات
لبرنامج ليبرالي سوري كمشاركة في "ورشة نقاش سورية" تضم مهتمين بانتقال سوريا
من الاستبداد إلى الديمقراطية. وينتهي الكتاب برأي المؤلف في ثورات الربيع العربي وأمله
في نجاح الثورة السورية، بعد عرض سيرة، تكاد تكون سياسية أكثر منها ذاتية، موزعة على
480 صفحة، لمشاركته ومتابعته وشهادته على العصر خلال حياته الحافلة
المصدر المصدر : القاهرة:
نشر: 2013-10-09
0 التعليقات :
إرسال تعليق