بدأ موسم المهرجانات السينمائية العربية. من المملكة
المغربية إلى دولة الإمارات العربية المتحدّة، مروراً ببيروت (بغياب القاهرة)، باتت
الأشهر الأربعة الأخيرة من كل عام أشبه بغليان سينمائي يحتمل مرارة الخيبات ومتعة
«الفرجة» السينمائية. التناقض سمة المهرجانات والأفلام. لكن الأجمل، بعيداً عن كل تقييم
نقدي، كامنٌ في قدرة هذه السينما على منح المهتمّين بها شيئاً من روعة المُشاهدة، وبهاء
الدخول إلى صالة معتمة، على الرغم من أن سؤال الصالات السينمائية الحديثة دافعٌ إلى
مناقشة هادئة خارج إطار المهرجان.
في دبي، التي تحتفل بالعيد العاشر لمهرجانها السينمائي
الدولي بين 6 و14 كانون الأول 2013، تستمرّ التحضيرات. الجميع منشغولون بأمور مختلفة،
بهدف إيجاد أفضل طريقة ممكنة لاحتفاء كهذا. أبرز العناوين؟ صدور كتاب باللغتين العربية
والإنكليزية حول «أفضل مئة فيلم عربي». الاختيارات حصيلة نقاشات غير مباشرة بين نقّاد
ومعنيين بالهمّ السينمائي. هناك نصوص نقدية لعدد من النقّاد، تناولت بعض أبرز الأفلام
التي نالت إجماعاً، أو ما يُشبه الإجماع. البرامج الأخرى لا تزال طيّ الكتمان، لكن
بياناً صادراً عن المكتب الإعلاميّ للمهرجان أفاد أن 6 أفلام أجنبية اختيرت رسمياً
للمُشاركة في برنامج «السينما العالمية». 6 أفلام تردّدت أنباء إيجابية عديدة عنها،
لكن التقييم النقديّ لا يستقيم إلاّ بعد مشاهدتها.
أول هذه الأفلام للإيراني أصغر فرهادي «الماضي»،
الذي اختارته إيران لـ«تمثيلها» السينمائي في التصفيات الأولى لجوائز «أوسكار» الهوليوودية
في فئة أفضل فيلم أجنبي، في دورة العام 2014. فرهادي نفسه نال هذه الجائزة نفسها في
دورة العام 2012 عن رائعته السينمائية «انفصال». في جديده هذا، وقع الانفصال بين الزوجين
قبل بداية الفيلم، الذي تابع نصُّه حكاية علي مصطفى المُسافر إلى باريس لحلّ إشكالات
عديدة مع مطلّقته الفرنسية. اختياره للتصفيات الأولى لـ«أوسكار» أثار ردود فعل سلبية
في إيران: هذا فيلم فرنسي بحت إنتاجاً وقصّة ولغة. أياً يكن، فإن الخيار تمّ، والتصفيات
الأولى لا تعني ترشيحاً للجائزة، كما يحلو لمصريين وعرب عديدين التبجّح به. فالترشيح
يعني اختيار فيلم ما في لائحة الأفلام الخمسة الأخيرة المتنافسة على الجائزة. ما يسبق
هذا مجرّد مشاركة في تصفيات أولى (تردّد أن «الشتا اللي فات» للمصري إبراهيم البطوط
اختير للتصفيات الأولى نفسها، بينما لبنان لم يستطع إرسال «غدي» لأمين درّة لأسباب
لوجستية متمثّلة بعدم عرضه محلياً قبل نهاية أيلول 2013، ما يعني أن «قصّة ثواني» للارا
سابا سيحلّ بديلاً منه).
ثاني الأفلام حمل عنوان «عيد العمّال» للكندي جايزون
ريتمان، الذي «أبدع» في فيلمه السابق «في الهواء» (2009)، أو «عالياً في الهواء». جديده
مرتكز على علاقة بين ثلاثة أشخاص: أم وابنها من جهة أولى، ورجل غريب الأطوار من جهة
ثانية. أي أن الفيلم مرتكز على قراءة تفاصيل هذه العلاقة ونتائجها. هناك أيضاً «العملاق
الأنانيّ» للبريطانية كليو برنار، المتوغّل في متاهات الحياة اليومية لمراهقين اثنين
مستعدّين لفعل أي شيء من أجل التخلّص من ديون تورّطا بها لحساب عصابة مافياوية. «طريق
الغموض» للأوسترالي إيفان سين محاصر بقرية ريفية أسترالية تنتفض على نفسها وترتبك،
إثر وصول محقّق مكلَّف بكشف ملابسات مقتل مراهقة في الطريق السريعة الخاصّة بالشاحنات.
الإيطالي باولو سورينتينو يُطلّ بآخر نتاجاته السينمائية: «الجمال العظيم». المافيا؟
لكن أيضاً الانهيار الاجتماعي والإنساني في روما، من خلال شخصية صحافي في الـ65 من
عمره، يتابع الخراب الحاصل في نفوس رجال مال وأعمال وسياسة ومافياويين، إلى جانب مثقفين
وفنانين. بالإضافة إلى هذا كلّه، هناك «حنان» للبلجيكية ماريون هانسل، عن زوجين منفصلين
أحدهما عن الآخر منذ 15 عاماً، يُضطران للالتقاء معاً من أجل إنقاذ ابنهما من خطر محدق
به.
0 التعليقات :
إرسال تعليق