فيلم"أرملة سانت بيير"
تدور أحداث هذا الفيلم التاريخي الجميل في
جزيرة سانت بيار الفرنسية في العام 1850، فأثناء عودة أوغوست نيال (الممثل امير
كوستوريكا وهو نفس المخرج البوسني الشهير) من رحلة صيد مثيرة، يتشاحن
"المتبجح-السكير" مع رجل ويقتله، فيحكم عليه بالاعدام...وبانتظار وصول
المقصلة من جزر المارتينيك لتنفيذ الحكم، يوضع اوغوست تحت حراسة الضابط المسؤول عن
الكتيبة العسكرية (دانيال اوتوي)، وهو المتزوج من الحسناء "مدام لا"
(جولييت بينوش) القوية الشخصية، التي تجبر
الضابط على السماح لنيال بمساعدتها بزراعة الأرض والاعتناء بالحديقة، وسرعان ما تقع بحبه وتنجح من التعبيرعن ذلك
بقسمات وجهها بمشاهد عديدة لافتة ، كما ينجح هو باستمالة السكان وكسب الشعبية
والتعاطف بفضل نزاهته ومثابرته بالعمل وجاذبية شخصيته، ولكن حاكم الجزيرة المستبد
(ميشال دوشوسوا) يبقى مصرا على تنفيذ العقوبة الصارمة!
نجح المخرج الفرنسي باتريس لوكونت في تحقيق حبكة
شيقة، وبتصوير الأحداث في اطار"وثائقي" ورومانسي (حزين وانساني) مؤثر، ليحقق عبرة مفادها أن الرجل الذي سيعدم ليس هو
نفسه الشخص الذي حكم عليه بالاعدام، وهذه من خفايا التغيير بالنفس والسلوك البشري
التي توضح التأثير المدهش للحب والتعاطف والتسامح، كما نجح بالغوص باستعراض
العلاقات والتداخلات الانسانية المتفاوتة
بين الثلاثي المبدع: اوتوي- بينوش
وكوستاريكا، وتعمق بالمشاعر الغامضة التي تتفاعل داخل شخصية "مدام لا"
والتي تتراوح ما بين حب جامح ام مجرد رغبة مؤقتة ناتجة عن الضجر والوحدة وافتقاد
الوشائج القوية مع الزوج المشغول؟!
ما احوجنا بعالمنا العربي "المضطرب
الحافل بثقافة الموت والتنكيل"/ والذي تسوده "ممارسات التفجير
والذبح" (مع انطلاقة الربيع العربي البائس)...ما أحوجنا لفهم رسالة هذا
الفيلم "الأخلاقية الفريدة" المتمثلة بأن حكم الموت "وانهاء
الحياة" سواء بالقتل او بالاغتيال او بالاعدام، يرتبط دوما بفقدان "الحس
والتعاطف الانساني"، قبل أن يرتبط بالانتقام والعقاب والجزاء والانتصار ودحر
الخصوم وتحقيق "الأجندات" السياسية والطائفية والارهابية والعسكرية،
وهذا ما حول هذا الشريط لتحفة سينمائية تخوض بجرأة بمواضيع الحياة والموت والحب
والصداقة باسلوب غير مسبوق!
التقييم: ****
مهند النابلسي
0 التعليقات :
إرسال تعليق