المعرض الجهوي للكتاب والنشر بوجدة يحتفي برواية رائحة التراب لمحمد مباركي

المعرض الجهوي للكتاب والنشر بوجدة يحتفي برواية رائحة التراب لمحمد مباركي 
 إنجاز التقرير: ثورية لعماري                               
انعقدت مساء الأربعاء 29/10/2014 أمسية نقدية بفضاء مسرح محمد السادس بوجدة، على الساعة السابعة والنصف مساءً، حول الرواية بالجهة الشرقية، ضمن البرنامج الثقافي الذي نظمه المعرض الجهوي للكتاب والنشر بالجهة الشرقية في دورته السادسة. وتنتظم الأمسية ضمن عِقد من القراءات النقدية والشعرية والمسرحية التي ستستمر طيلة الأسبوع. وقد عرف برنامج هذه الأمسية الموسومة بـ "في رحاب الرواية بالجهة الشرقية" قراءتين نقديتين؛ الأولى لرواية "رائحة التراب المبلل" لمحمد مباركي قدمها ذ. فريد أمعضشو، والثانية لرواية "موسم سقوط الأوراق الميتة" لعبد الباسط زخنيني قدّمها ذ. محمد العتروس.
فأما القراءة الأولى فقد استهلها صاحبها بالتعريف بالروائي محمد مباركي، وبما صدر له من أعمال إبداعية، زاوجت بين القصة القصيرة والرواية، وهي: "خبز الوطن الأسود" (مجموعة قصصية/ 2010)، و"الرقم المعلوم" (مجموعة قصصية/ 2012)، و"جدار" (رواية/ 2011)، و"رائحة التراب المبلل" (رواية/ فبراير 2014).  وانتقل بعد ذلك أمعضشو إلى الحديث عن الرواية قيد الدراسة - "رائحة التراب المبلل" - مشيرا إلى ضغط مكون التخيل التاريخي فيها؛ نظرا إلى طبيعة تخصص الكاتب (أستاذ التاريخ والجغرافيا)، والتعلق بالمكان كتيمة بارزة في الرواية. وتندرج الرواية، في إطارها المكاني، ضمن الإبداع المعبر عن بيئة الشرق المغربي وثقافته، وتعود أحداثها زمنيا إلى  فترتي الاستعمار والاستقلال، وقد دارت رحاها بين فضاءين مكانيين مختلفين ومتباعدين.
ولعل من تجليات حضور المتخيل التاريخي فيها إشارة السارد إلى وفاة السلطان مولاي الحسن، وتولي ابنه عرش المملكة. كما يحكي عن نشاط تجارة التهريب؛ تهريب المواشي، التي نشطت في المنطقة بدءا من ق19 على الحدود بين المغرب والجزائر؛ مما أدى بالمخزن إلى فرض أعشار وضرائب عليها... واستغلال المستعمر لطاقات المغاربة وخيراتهم، مجسَّدا في شخصية "الرومي" (موريس) الذي كان يشغّل المغاربة في ضيعته، مُعامِلا إياهم بقسوة واستخفاف وإهانة إلى درجة الاستعباد؛ كما هو الحال بالنسبة إلى العامل (قدور)؛ الشيء الذي حذا بالمغاربة إلى الانضمام إلى صفوف الحركة الوطنية بوجدة تنديدا بكل أشكال الاستغلال، ونفي السلطان المغربي وأفراد عائلته خارج الوطن، وتنصيب ابن عرفة مكانه (الفصل 28). هذا وقد أشار الناقد إلى حدث انتشار "الوباء الغامض" في بعض قرى وجدة؛ مما حولها إلى أشباح، الأمر الذي دفع (حنا حليمة)، وهي جدة (سعدية)، إلى الرحيل صوب قرية (سيدي بوعمود)...
تتراوح أحداث الرواية - من حيث ومنها - بين حقبتين زمنيتين هما: فترة الحماية والاستقلال، غير أن الكاتب لم يورد المادة التاريخية كمادة جافة، بل وظف آليات السرد والوصف وغيرهما من الإواليات التقنية والفنية للتعبير عنها، وإضفاء هوية سردية إبداعية عليها. من هذا المنطلق، يمكننا الحديث عن المتخيل السردي؛ ذلك أن الرواية ليست جزرا متناثرة، بل هي مشيج من العلاقات وشبكة مترابطة من الأحداث. فشخصية (سعدية) تيتّمت أباً وأمّاً جراء الوباء الذي حلّ بالقرية؛ ففرّت بها جدتها لأمها (حنا حليمة) خارجها، وستنشأ بقرية "سيدي بوعمود"، وهناك ستقع في شرك حب عسو/ سعد؛ فتزوجا، لكن المنية قد أنشبت أظفارها فيها أثناء المخاض فماتت. أما (عسو)، الذي تحول اسمه فيما بعد إلى (سعد)، فقد جاء نتيجة علاقة غير شرعية بين (زهور) و(لحسن) بقرية "تغسال"، في ليلة ملعونة، بالغابة المجاورة، ترتب عنها مجيء "عسو" إلى الحياة؛ فلقي كثيرا من الإهانة والتجريح من قبل الناس، ونظرة المجتمع عامة؛ فهرب من القرية باتجاه الشّرق؛ حيث سمع بدولة مسلمة يحتلّها النّصارى، وهي الجزائر. وهناك  ترعرع وسط عائلة رجل أصيل نبيل هو (أمحند أوعلي)؛ أشفق على حاله، فنزل بداره يرعى له غنمه مقابل خمس نعاج كل سنة. وهو الذي غيّر اسمه من عسو إلى سعد...
بالإضافة إلى ذلك، فإن الرواية حبلى بالقصص، ومنها قصة زبيدة التي "أهداها" والدها إلى فقيه قرية "سيدي بوعمود"، سي أحمد بلقاسم، عاشت معه عشر سنوات من الضنك والشقاء، مع ضرتين أخريين. لكنها فرت منه ذات يوم امتثالا لما رأته في منامها. فصارت تصلي وتعتكف بالمغارة التي آوت إليها، وكانت زاهدة وناسكة وعابدة ذات شهرة واسعة بين القرى والدواوير القريبة والقصيّة.
أما قصة (قدور)، وهو خال (سعدية)، فإنه كان يشتغل بضيعة الرومي (موريس)، ويمثل نموذجا للطيبوبة والجهل والسذاجة. متزوج من (الصافية بنت محند وعلي).
وأشار الناقد إلى أن"تِغسال" قد جاءت ذات يوم إلى "سيدي بوعمود"، "تجرّ رجليها حياءً"؛ كما يقول كاتب الرواية، من ذنب ارتكبته في حقّ ابنها. سبقتها رائحة متميّزة .. إنها رائحة الأعشاب البرّية، ورائحة عرق المزارعين، ورائحة حليب الأمهات، ورائحة التّراب المبلّل .. هذه الرّائحة حملها شخصان؛ امرأة تسمى "زهور"، ورجل يسمى "لحسن"...
إن قصة سعدية وسعد هي البؤرة التي اتصلت بها سائر الأقاصيص، معانقة فضاءين متباعدين جغرافيا؛ بفرار عسو من تغسال إلى سيدي بوعمود، واقترانه اقترانَ زواج بسعدية هناك...  

ويستشهد الناقد أمعضشو بقول ذ. رشيد سوسان، في معرض حديثه عن إمكانيات الروائي مباركي الإبداعية، قائلا: "إن مباركي مبدع بروميثي شقّ لنفسه طريقاً خاصّة، ومليئة بالشّيّق من السرد، والجيّد من الإبداع... ويمتلك قدرة فائقة على عملية السرد والحكي ونقل تجارب إنسانية مختلفة إلى القارئ...". ومما يتميز به الخطاب الفني للرواية توظيف الأساليب الحكائية واللغات المتنوعة، والبعد عن لغة التقرير في اتجاه الاقتراب من اللغة ذات البعد الشاعري. كما يحضر في الرواية تشغيل آلية التناص، واستثمار الثنائيات والحلم والمفارقة، علاوة على عدم احترام تعاقب أحداث الفصول، وهي تقنية تعمَّد الكاتب استخدامها لتكسير خطية الأحداث بوصفها أسلوبا في بناء الرواية تقليديا... 
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار