اكتشاف جزء من طريق الحريرترجمة جودت جالي

اكتشاف جزء من طريق الحريرترجمة جودت جالي
نيكولا كونستانس /جريدة لوموند الفرنسية
كانت (دونهوانغ) بوابة آسيا الوسطى وآخر معقل صيني على طريق الحرير، وبعدها تأتي صحراء (تاكلاماكان)، وسمرقند، وفارس، وأخيرا كل تجارة البحر الأبيض المتوسط في العالم القديم. بدأت تظهر علامات واضحة على أن المنتجات الصينية وجدت طريقها حتى وصلت العالم الروماني منذ امبراطورية سلالة (هان) في القرن الثاني قبل الميلاد وبالعكس كانت توجد تجارة من هذه المناطق مع الصين، وإذا كانت توجد أحيانا مواقع صينية أكثر تقدما نحو الغرب فقد بقيت (دونهوانغ) المنفذ الرئيس.
تجارة محفوفة بالمخاطر
لكن في نهاية القرن السابع للميلاد لم يعد هذا الطريق أمينا فلكي تنفذ الى دونهوانغ عليك أن تسلك رواقا طبيعيا محصورا بين هضبتين. الأولى هي هضبة الجيران المغول الذين أبقاهم الصينيون بعيدا بالسور العظيم، ولكن الخطر الأسوأ كان يأتي من الجنوب حيث لا يفصلهم شيء عن هضبة التبت التي كانت تحكمها آنذاك امبراطورية في أوج ازدهارها وتتنازع مع الصين الأحقية في السيطرة على الطريق في آسيا الوسطى، وكانت قواتها تغير على القوافل المتوجهة الى دونهوانغ، تنضاف الى ذلك صعوبة اجتياز صحراء جوبي بكثبانها ورياحها العاصفة ومنحدراتها، ومن هنا نستطيع تخيل أن التجار والجنود الذين يحرسونهم لم يكونوا يرتاحون لعبور هذا الرواق الطويل.
حكمت الصين في العام 691 (وو زيتيان) أول وآخر امبراطورة صينية، وقد تميز عهدها بالمنجزات السياسية وهي التي حولت الطريق الى الشمال، ليكون أقل طولا وأكثر أمانا، وبنت عليه الخانات حيث يمكن للقوافل أن ترتاح وتتمون. لكن الصحراء اليوم محت آثار هذا الطريق وعم الجفاف هذه الأنحاء، والخانات القريبة من نقاط المغادرة والوصول وحدها هي المعروفة الآن لأنها واقعة عند المدن القديمة وفي مناطق يرتادها الناس دائما، وبين الخانين، في المناطق المتصحرة التي تعصف بها الرياح لا أحد يعرف حقا أين هي الخانات الباقية.
توجد نصوص، عثر عليها صدفة، تشير الى طريق دونهوانغ لأنه يرتبط بأحد أعظم الاكتشافات عن التاريخ الصيني، فليس بعيدا عن الطريق توجد (مغاور الألف بوذا) المحفورة على جانب جرف وتتضم مجموعة ضخمة من التماثيل القديمة والرسوم البوذية. ففي بداية القرن العشرين اكتشف راهب مغارة سرية مخبأة فيها 40 الف مخطوطة. هذه المجموعة غير العادية والتي حفظت بمعجزة لفترة تقارب الألف عام تشكل منجما لا مثيل له عن البوذية والحضارات الآسيوية القديمة، واليوم لا يزال عدد من علماء الصينيات يعكفون على هذه المكتبة الفريدة.
وثائق دالة
من هذا المجموع ظهرت مخطوطتان محفوظتان اليوم في باريس في المكتبة الوطنية تتحدثان عن هذا الطريق، وتذكران أسماء الخانات والمسافات التي يتوجب قطعها بين خان وخان لكن هذه المسافات لا تمثل خطا مستقيما بل المسافة التي تقطعها القوافل فعليا على طرق غير معروفة اليوم، غير أن علماء الآثار الصينيين لاحظوا أن القوافل آنذاك تسير مع الأنهار وعلى هذه الأنهار كانت تقع الخانات فلو استطاعوا التعرف على مجاري الأنهار المندثرة لتمكنوا ربما من العثور على آثار الخانات. لهذه الغاية استعان العلماء  بالأقمار الصناعية وقد جمعوا منها الكثير من المعلومات عن تفاصيل مثل مجاري الانهار والخطوط المستقيمة للسور العظيم الذي لا بد أن الخانات تقع الى الجنوب منه، ومن ثم انطلاقا من المسافات بين الخانات، إذ يحصر الباحثون المناطق التي يتوجب أن توجد فيها الخانات الناقصة. بقي اثنان يتعذر العثور عليهما إذ لا شك أنهما قد محيا تماما أو دفنا تحت الكثبان، وسيكون من الضروري الاستعانة بالليزر لرسم خرائطية المنطقة، غير أن باحثين آخرين كانوا أوفر حظا حين اكتشفوا على الصور ثلاثة هياكل يمكن أن تكون خرائب بنايات.

في العام 2013 قام الباحثون بحملة استكشافية للتعرف على الأماكن، وقد نجحوا في العثور على الهياكل الثلاثة الواحد بعد الآخر وكانت بنايات قديمة فعلا حتى وإن كان الآثاريون لا يزالون غير قادرين على إجراء حفريات معمقة، ولكن فضلا عن الموقع فإن الدلائل الأولية تؤكد كما يبدو أنها خانات إذ وجد في الموقع الأول على فخاريات وقطع آجر ومعدن يبدو أنه يعود الى فترة (تانغ)، محاطة بحائط دائري قطره أربعون مترا. إن تصميمه وأبعاده تماثل تصميم وأبعاد خانات تلك الفترة. أما البناءان الآخران اللذان هما أكبر وأكثر تقاربا فلا يزالان قيد الدرس، وربما كانا موقعين أكثر قدما ومن فترة سلالة (هان).   
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار