دعوى «ظلامية» ضد مسلسل «سجن النساء

دعوى «ظلامية» ضد مسلسل «سجن النساء 
كأنما الزمن عند بعضهم لا يتغير، لأنهم بكل بساطة واقفون في سكونها الأبدية. وإذا تغير الزمن لهم، فليتقهقر إلى الوراء، إلى الماضي اللفظي (بشعارات مجوقة)، إذا تقهقر فليتجلببه الجهل، والغربة عن الحياة، والعصر، والحرية والإنسان.
فكأنما «الاخوان» أصحاب السوابق في تهديد المثقفين، والإبداع، لا يكتفون بممارسة سياسة الأرض المحروقة في بلدهم، بعدما انفض عنهم كثير من الذين ضللوهم، فكأنهم لا يكتفون بالمناخ الإرهابي المسلح، وهم يتابعون مطاردتهم لكل ما هو حي، ومختلف، وجدي، فالنغمة القديمة تعزف من جديد: فقد قدموا دعوى قضائية (بأسماء ملتبسة لكن معروفة) دعوى قضائية في مصر ضد مسلسل «سجن النساء»، وعليه فقد حددت محكمة جنح عابدين جلسة في 28 تشرين الأول (أكتوبر) للنظر في أولى مدلولات الدعوى المقامة التي رفعها المحامي هاني محمد حسن، يطالب فيها بتوقيع أقصى عقوبة على فريق عمل مسلسل «سجن النساء»، لما يحتوي من «إيحاءات جنسية(!) وألفاظ نابية!» «تخدش الحياء العام» (وهل عندهم حياء ليُخدش)، «يعاقب عليها قانونياً بالمواد 306، 17، 178!»، فهؤلاء الذين يلتزمون إرهابهم «التكفيري الإرهابي» لترويع المجنح المصري الذي نبذهم، والكتاب، والفنانون الذين شاركوا في التظاهرات إدانة لممارساتهم، فهؤلاء الذين لطالما استخدموا «القانون» كوسيلة ترهيب، واعتداء على الحريات العامة، ها هم يفزعون إلى القانون. وهؤلاء الذين «كفروا» الدولة، وأجهزتها، ومؤسساتها، ها هو يلتمسون «قوانينها» لتدميرها بالقوانين. إنه شأن «المتسلطين»، و«الاستبداديين»، في كل زمان ومكان.
ولكي يحددوا أهدافهم، فلا تبقى في إطار تجريدي (وهم باتوا قوة تجريدية مفتعلة من وجدان الشعب المصري الذي كشفهم على حقيقتهم المزيفة)، ها هم يلملمون الدعوى لتشمل كل الفريق، بلا استثناء. ونذكر أن تهمهم الباطلة أصابت كلاً من الفنانة نيللي كريم، وزميلتها درة، وفتحي عبدالستار، رئيس الرقابة للمصنفات الفنية، وجمال العدل منتج المسلسل، ونقيب المهن التمثيلية، والمخرجة كاملة أبو ذكرى، وكاتبة السيناريو مريم ناعوم والفنان أحمد داود، والفنانة نسرين أمين.
وبرر المحامي الألمعي الظلامي دعواه بنظرة «اجتماعية» فوقية، حل فيها محل المجتمع والناس والمشاهدين، بنوع من «الاستكبار» الغبي حين أورد في دعواه «أي مجتمع يتمتع بتقاليد وعادات خاصة به يعتبر الخروج عليها طعناً في جسده» (نتذكر طعن الروائي الكبير نجيب محفوظ بسلاحهم الغاشم لدى محاولة اغتياله! فالغدر من شيمهم، والطعن في الصدر من فضائلهم). ويتابع في أرجوزته «لذلك لا يجوز لأي مؤلف أن ينشر كتاباً أو أجزاء من كتب أو حتى فقرات، يدعو فيها إلى الرذيلة والإباحية أو تدعو إلى البدع والتبرج (وهم يبترجون بالنفاق!)». ,هذا ما يعزز رأيه لأنه ينص عليه قانون العقوبات في مواده السابقة، التي أصدرها الرئيس المصري السابق عدلي منصور.
غريب! كيف ينفذون إلى ظاهر القانون ليعطلوا العدالة، وكيف ينصبون أنفسهم أوصياء على الناس، ناسين أن المرجع الأساسي لكل عمل فني وفكري وإبداعي هو الناس، وليس هم.
على كل، إن تضامن فنانين كثراً مع المسلسل وأهمهم الجمهور الذي استمتع بالمسلسل، وإدانتهم لهذه الممارسات القمعية، كفيلة بتسجيل انتصار جديد على هؤلاء، وإلحاق هزيمة أخرى بهم، بعدما هُزموا في الساحات، وفي الحكم، وفي الميادين.

الغريب هو كيف يتكلم هؤلاء باسم الشعب الذي خذلهم، وباسم العدالة التي خذلتهم، وباسم الفن الذي يشكل العمود الفقري لمصر، منذ مئات السنين.
القاهرة ـ «المستقبل»

شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار