الجزائري يقرأ نصف كتاب في السنة !
تحت شعار معا لإثراء ثقافة المطالعة ومع بداية العد
التازلي ليوم العلم أعدت مديرية الثقافة بولاية تلمسان برنامجا خاصا بهذه المناسبة،
كشف مدير الثقافة عن جملة من النشاطات الثقافية، منها الطبعة الوطنية لفعاليات الأيام
الثقافية للمقروئية التي افتتحت رسميا بالكتبة العمومية للمطالعة محمد ديب بمشاركة
أساتذة وباحثين شددوا على ضرورة إعادة الاعتبار للمقروئية التي عرفت ترجعا كبيرا خلال
السنوات الأخيرة بعد غزو الانترنت وتقنيات الجيل الثالث وغيرها من التقنيات المتطورة
التي أطاحت بالكتاب من علياء.
ويتضمن برنامج التظاهرة الوطنية للمقروئية عدة ورشات للقراءة والرسم والأشغال
اليدوية والخط العربي والفنون التشكيلية وغيرها من النشاطات، التي لها علاقة مباشرة
بالكتاب.
وتهدف هذه الأيام الثقافية التي تزامنت مع العطلة المدرسية الربيعية إلى
رفع نسبة المقروئية عن طريق غرس في نفوس الأطفال هواية المطالعة وتحفيزهم على الإقبال
على الكتاب من خلال برنامج ثري ومتنوع من النشاطات.
كما أبرز مدير المكتبة التي تزخر بأكثر من 3 آلاف عنوان في شتى المجالات
والاختصاصات، وذكر انه تم تسطير برنامج خاص يهدف الى رد الاعتبار الكتاب كخير جليس
في الأنام، وأكد مدير المكتبة الوطنية محمد ديب ان هذه التظاهرة الكبرى يؤطرها مختصون
وأساتذة في التربية وعلم النفس والنشاطات الثقافية سيسهرون على محاولة بعث المقروئية
وطرق ترغيب الطفل على المطالعة، وستختم بتوزيع جوائز وهدايا على الأطفال المتميزين
في شتى الورشات، يضيف شقرون عبد الجليل، الذي طالب بضرورة التفكير في برامج جديدة تهدف
الى تقريب المقروئية لإعادة الاعتبار للكتاب بولاية تلمسان، التي استفادت من عدة مشاريع
خاصة بدعم الكتاب ضمن تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، حيث خصص لها اكثر من
360 عنوانا جديدا، تضاف الى اربعة آلاف كتاب استفادت منها مختلف المكتبات العمومية
عبر عديد المناطق في البلاد.
الأستاذ والباحث مبروك بوعلام:
"هناك أزمة مقروئية بالجزائر"
يعتقد الأستاذ والباحث بوعلام مبروك في تصريح لـ"السلام"
بوجود "أزمة ثقافة حقيقية تلوح في الأفق، تضاف إلى مشكلات عالمنا العربي نتيجة
معاناة غالبية الشعوب العربية بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، التي ساهمت
بشكل كبير في هذه الأزمة الثقافية مع وضع الحريات والديمقراطية في عالمنا العربي في
الحسبان وهيمنة بعض الأحزاب من اجل تعميم ثقافة وإيديولوجية معينة بمنطق "ما أريكم
إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".
ويضيف "لا وجود لمجتمع مثقف إلا بازدهار الحياة الحزبية فيه بمختلف
أطيافها وإيديولوجياتها"، وهنا يسجل أيضا غياب دور الدولة في دعم ثقافة الكتاب
وتقصيرها في إيجاد حلول وطرق جدية لخلق دينامية في القراءة وجذب القراء في الوقت الذي
أصبح يتكون وعي الفرد في وطننا العربي من معلومات مستمدة من شبكة الانترنيت أو من التلفزيون
الذي بات وسيلة مهمة للمعلومات السطحية.
وتفيد الدراسات أن الوطن العربي هو الأقل إقبالا
على القراءة والكتاب، ففي إحصاء لمنظمة اليونيسكو لسنة 2001 يؤكد أن الإنتاج العام
للكتاب في العالم العربي كله اقل مما تنتجه أصغر دولة أروبية (أي بلجيكا)، كما شهد
عام 2003 ترجمة 303 كتابا موزعا على الأقطار العربية.
هذا العدد لا يتجاوز نصف ما يترجم في اليونان وحدها،
كما تكشف نتائج التقرير الذي أصدرته مؤسسة الفكر العربي سنة 2010 مدى ضعف مقروئية المواطن
العربي، اذ يبلغ معدل القراءة لديه ستة دقائق سنويا فيما يتجاوز الأوروبي 12 ساعة.
ويصدر العرب 1,1 في المائة من الإنتاج العالمي للكتاب وهناك ما يقارب
100 مليون أمي في العالم العربي. ولا تزيد عدد العنا وين التي تطبع سنويا عن 27 ألف
كتاب ولا يوجد رصيد للطفل العربي من هذه العناوين.
مدير المكتبة العمومية محمد ديب بتلمسان:
"الجزائريون لا يقرؤون"
قال مدير المكتبة العمومية بولاية تلمسان عبد الجليل شقرون "ان الجزائريين
لا يقرؤون، هي حقيقة اليوم أكثر من ذي قبل رغم الثورة الثقافية التي بدأت مع الألفية
الجديدة، مما يجعلنا حريصون على البحث عن أسباب ضعف أو انعدام المقروئية، ومن ثم ما
يعرف بأزمة الكتاب في وقت يصل عدد الأميين إلى ثمانية ملايين، رغم ما يقدمه الديوان
الوطني لمحو الأمية من مجهودات في محاصرة هذه الظاهرة المعيقة لعمليات التنمية في المجتمع
الجزائري".
ويذهب العديد من المهتمين بمجال القراءة والمطالعة
إلى أن نصيب الفرد الجزائري من القراءة خلال السنة هو نصف كتاب، وهو ما يجعل الجزائري
بعيدا عن المعدل العالمي الذي أعطى لكل فرد أربع كتب، فيما تشير الإحصائيات العالمية
إلى أن معدل قراءة الفرد العربي على مستوى العالم هو ربع صفحة فقط بينما يصل متوسط
قراءة الأمريكي إلى 11 كتابا والبريطاني إلى 7 كتب.
15 مليون كتاب في الجزائر والمقروئية غائبة
من جهة اخرى تؤكد الأرقام الرسمية أن هناك 15 مليون
كتاب في المكتبات الجزائرية، اي بمعدل نصف كتاب لكل فرد باستثناء المجلات المتخصصة
والعامة وما أقلها وكذا الجرائد اليومية التي تقل مقروئيتها يوميا في الجزائر.
ويضيف المختصون أن نسبة مقروئية المجلات والجرائد تكاد تنعدم لعدة اعتبارات،
أهمها عدم التأسيس لعناوين مجلات تشد القارئ عدا تجارب سابقة على غرار ألوان أمال والثقافة
في ظل انحصار العديد من العناوين التي انطفأت في مدة وجيزة من صدورها بسبب غياب الدعم
وقلة التموين من اجل استمراريتها، سواء كانت هذه المجلات عمومية او خاصة او تابعة لأحزاب
سياسية او جمعيات ثقافية وخيرية.
ولنتساءل عن عناوين اندثرت لمجلات شهيرة، أين هي الإذاعة والشاشة والرواية
ودفاتر نسائية، وأين هي التضامن والإرشاد والرسالة ورسالة العصر والوحدة، وهلم جـرا.
وهناك مجلات او جرائد تظهر ثم تختفي في وقت قصير لا يتعدى سنتين او ثلاثة،
ويبقى لاختفائها مبررات كثيرة خاصة، إذا علمنا أن اقتناء المجلات المتخصصة لا يمكن
أن ينفصل عن عالم المقروئية في عمومه.
وينتظر المهتمون بعالم القراءة إنشاء لجنة تحقيق تتولى عمليات سبر الآراء
سواء بالنسبة للأشخاص أو المؤسسات الثقافية لمعرفة نسبة المقروئية وبناء على أرقام
حقيقة.
وقال الخبير في علم المكتبات بجامعة قسنطينة الدكتور
كمال بطوش إن معدل القراءة في الجزائر لا يتعدى 0,0003 بالمائة، وانطلاقا من هذه الإحصاءات،
فان لهذا التراجع الفادح في معدل القراءة نتائج عكسية على المردود التنموي بشكل عام،
كما أن لهذه الظاهرة السلبية أسباب متعددة الجوانب، منها ما له علاقة بالدخل الفردي
وسعر الشراء في ظل اكتساح الدخلاء عن الساحة الإعلامية والثقافية لميدان النشر لأغراض
تجارية بحتة.
البلاد استوردت 5 ملايين كتاب بـ 35 مليون دولار
فرنسا تسيطر على 70 بالمائة من سوق الكتاب في الجزائر
كشفت مصالح الجمارك ان الجزائر استوردت خمسة ملايين
عنوان كتاب بـ2 مليار ونصف مليار دينار، اي ما يعادل 35 مليون دولار في 2010، اما في
سنة 2008 فقد بلغت قيمة الكتب المستوردة 56 مليون دولار. كما سجلت هذه المصالح ان فرنسا
ما تزال تسيطر على سوق الكتاب في الجزائر بنسبة 70 بالمائة، لتضيف هذه الأخيرة إلى
ان مصالحها سجلت أيضا حركة الاستيراد في مجال الكتاب دخول أكثر من مليون كتاب من فرنسا
وحدها، اي لاما قيمته 760 مليون سنتيم، مقابل مليون ونصف مليون دينار عام 2008.
وتؤكد أرقام المديرية العامة للجمارك السيطرة الفرنسية
تقليديا على سوق الكتاب في الجزائر، كما ان الجزائر استوردت ما يقارب مليون كتاب من
فرنسا بمبلغ 2 مليار دينار، مقابل 28 ألف كتاب من ايرلندا بـ527 مليون دينار، وهو ما
يترجم -حسب المتتبعين للشأن الثقافي وسوق الكتاب- مدى وجود دعم كبير للكتاب الفرنسي
في الجزائر، تمارسه مؤسسات وجهات تتقدمها السفارة الفرنسية، بسبب تخصيصها لصندوق دعم
الثقافة الفرنسية سواء من خلال الكتاب او الترجمة وما يقوم به المركز الثقافي الفرنسي
بخلق سياسة تعميمية لثقافة فيكتور هيغو وفولتير.
ثم تأتي لبنان في الدرجة الثانية من حيث السيطرة على سوق الكتاب بالجزائر
وهي في مقدمة الدول العربية في هذا المجال، حيث تشمل حركة الاستيراد في سوق الكتاب،
الموسوعات والكتب الأدبية والمعاجم، إذ استوردت الجزائر من لبنان تحديدا 3 ملايين كتاب
بـ43 مليار سنتيم، كما ان هناك ظاهرة النشر المشترك بين الناشرين الجزائريين ونظرائهم
اللبنانيين خصوصا في الآونة الأخيرة.
وفي هذا الإطار سجلت وزارة الثقافة منح 926 رخصة
استيراد لـ 85 مستوردا لسنة 2010 مقابل 1171 رخصة استيراد لـ 153 مستوردا عام 2008،
وهو تطبيق لتعليمة احمد اويحي التي أصدرها عام 2006 عندما كان يتولى رئاسة الحكومة
آنذاك.
هذه التعليمة تجبر جميع المؤسسات الاقتصادية العاملة في الاستيراد على
رفع رأسمالها الى 2 مليار سنتيم، وهو ما أدى الى تناقص عدد الشركات العاملة في الاستيراد
من 40.000 مستورد الى 23 ألف مستوردا وبالتالي راح ضحية هذه التعليمة 17 شركة في مختلف
المجالات.
وتشير وزارة الثقافة إلى أن هناك ما لا يقل عن عشرين مستوردا يستحوذون
على 20 الى 80 بالمائة من سوق الكتاب المستورد في الجزائر.
وأمام هذه الوضعية، عبر المستوردون في مناسبات عديدة عن استياءهم البالغ
من الإجراءات الحكومية التي تعاملت مع الكتاب كما تتعامل مع أي سلعة استهلاكية أخرى
وهو ما وضع العديد من الشركات في خانة الإفلاس، ودفع بالبعض إلى تغيير طبيعة نشاطهم
التجاري، يحدث هذا في الوقت الذي بلغ ما تستورده الجزائر من الغذاء ما قيمته 5,4 مليار
دولار، في حين بلغت قيمة ما تستورده الجزائر من زينة أعياد الميلاد في رأس السنة الأخيرة
6 ملايين دولار.
وبالنتيجة، فان وضعية
المقروئية أصبحت في درجات منحطة ومن أعقد المشكلات الثقافية التي تعترض سبيل تطور التنمية
الوطنية وازدهارها، وبالتالي فان واقع المقروئية اليوم في أزمتها هي بالأساس أزمة قارئ
وأزمة نوعية وجودة وأزمة لغة وأزمة أسعار.
0 التعليقات :
إرسال تعليق