45 باحثاً يحلّلون الربيع العربي بإشراف وتقديم
وفاء الصفدي
وفاء صفدي
باحثاً يحلّلون الربيع العربي بإشراف وتقديم وفاء الصفدي
غياب الرؤية الحضارية في الحراك الثوري العربي
وفاء صفدي
تقول المؤلفة في توطئة كتابها الجامع بحاثة بارزين
«غياب الرؤية الحضارية في الحراك الثوري العربي» (عن دار منتدى المعارف)، تقول المؤلفة:
«عندما بدأت هذا الكتاب راعيت أن يتضمن تحليلاً منطقياً وموضوعياً لواقع الأحداث من
منطوق النخبة العربية عبر شهاداتهم الواردة (في الكتاب رداً على ما يطرحه الرأي العام
والشعوب من استفهامات حول الأحداث التي غيّرت الخارطة السياسية للمنطقة العربية، وذلك
من خلال قراءة الماضي وتحليل الحاضر واستشراف المستقبل» (...).
و»قد وضع الكتاب قيد النشر في آذار/مارس 2013، ونظراً
الى ظروف تقنية تعثر طرح الكتاب حتى تمَّ طبعه نهاية العام 2013، وبين وقت انتهاء العمل
من الكتاب حتى ساعة نشره تغيّرت خارطة الحوادث بالكامل، وقد غيّرت مصر والمصريون الموازين
في 30 حزيران/يونيو 2013 بخارطة طريق جديدة تعود بنا الى نقطة البداية، لكن نتمنى هذه
المرة ومن خلال الاصلاحات والخطوات التي تم الاعلان عنها، أن تستطيع الثورة المصرية
وضع الحصان في مكانه المناسب أمام العربة».
أما في المقدمة الموقعة من وفاء الصفدي، فستعرض
مضامين الكتاب الموضوعة ضمن فصول خمسة، وبأقلام 45 مفكراً وباحثاً، ومعانيها وتنوعاتها
وتعددية مقارباتها.
ونرى، أن الكتاب من أكثر الكتب الجدية والكاشفة،
من زوايا عدة تحليلاً وغوصاً، للربيع العربي.
هنا خاتمة الكتاب كما خطته وفاء الصفدي:
في خاتمة هذا الكتاب نود تسجيل أهم النتائج التي
استخلصناها من هذا البحث، الذي ضم شهادات نخبة من المثقفين والمفكرين والأكاديميين
والسياسيين العرب والمشارقة، والتي سوف نحاول تجميعها في عشر نقاط أساسية ومختصرة:
أولاً: يبدو مما سبق، ومن خلال الواقع الفعلي لتجربة
إسقاط الأنظمة العربية أن ما حدث لا يمكن وصفه بـ»ثورة» إنما هو «حراك ثوري»، لما تمتلكه
الثورة من آليات واضحة للتغيير في خطة عامة وشاملة اسست لها أطياف المجتمع كبيرها وصغيرها،
خاصتها وعوامها لنهضة المجتمع. وهذا ما يفتقده الحراك في المنطقة العربية الذي نشط
فجأة وخمد فجأة أخرى تحت دعوات الاستقرار والاكتفاء بتغيير رأس النظام (الى أن عاود
النشاط مرة أخرى بثورة مصر في 30 حزيران/يونيو 2013. مما يدعم الطرح الوارد في الكتاب
والذي يؤكد أن ثمة حراكاً ثورياً مستمراً يحمل التناقضات الثورية كافة غير واضحة المعالم،
تسير بلا بوصلة محددة في محيط المنطقة العربية التي تسير وفقاً لاتجاه الرياح، لا على
قدرة وتحكم المجداف الذي يمسك به بحار محنك يعرف كيف يقود غضبة الشعوب لصالحه.
إن غياب الرؤية بين الفصائل المتصارعة سواء من وصل
الى الحكم ومن ارتكن الى جانب المعارضة أو ارتكن صامتاً سوف تؤدي الى المزيد من الحراك
والاستمرار التي من شأنها أن تعطل الاستقرار وما يبغيه النظام الحاكم الجديد من فرض
نفوذه. إن الحراك الثوري العربي ما زال قيد التجريب والتثقيف والتعليم السياسي الى
أن يستوعب المشهد جيداً ليفجر ثورته العارمة التي سوف تحقق المراد.
ثانياً: لا يفتقر الشعب العربي في مختلف البلدان
العربية الى الأسباب التي تجعله يثور، فعوامل الغضب كثيرة وأكثرها التصاقاً بالثورة
يظل العامل الاجتماعي وضغوطات الفقر والبطالة. ويذهب البعض الى أن الأسباب المباشرة
للانتفاضة الشعبية يمكن إجمالها والإشارة إليها في عدة عوامل، منها: الاستبداد والاضطهاد
الذي طال وتطاول على كل شيء حتى كاد يلغي آدمية الناس. بجوار الدور الجديد (للأنتلجنسيا)
البديل (البروليتاريا) وهو وجود مئات الآلاف من المثقفين العاطلين والمهمشين. والى
جانب استفراد الحاكم بالسلطة، هناك اعتماد السياسة الواحدة التي وإن تغيرت في بعض وسائلها،
إنما يبقى الهدف منها واحداً، وهو بقاء رأس السلطة كما هو الإتيان من وقت الى آخر ببطانة
جديدة بهيئة جديدة وفكر ليس بالجديد، بل جديد في التناول والتعاطي للتعامل مع الشعوب،
وإقناع هذه الشعوب بحالها المستقر الذي تحسدها عليه دول الجوار.
وسواء كانت أسباب اقتصادية/اجتماعية أو سياسية تعكس
ديكتاتورية الحاكم واستبداده وتهميشه للقوى الشعبية، فكلها كانت جوهرية ومقنعة لإسقاط
الأنظمة، التي حرصت في ما قبل على تغييب العقل الشعبي بأوهام الاستقرار والإصلاح لدرجة
أن الأنظمة نفسها صدقت ما تروجه عن نفسها كذباً باسم الاستقرار، وتنامى هذا الفكر لدى
المسؤولين الى أن أصبحوا في وادٍ والشعب في وادٍ آخر، مع تراجع فكر النقد والانتقاد
لدى الشعوب، وتراجعهم عن المطالبة بحقوقهم، مصدقين الوعود التي يطلقها النظام لهم عبر
وسائل الإعلام الحكومية بفرص العمل والإصلاح، إلخ..
إن الظروف المشتركة والعوامل المتشابهة لأوضاع الدول
العربية وشعوبها أدت الى تنامي الحراك وتصديره الى دول الجوار العربي، مع تبلور المطالب
المحددة لخطة العمل الثوري الذي انحصر في الإطاحة بالنظام أولاً، لكن هذا لا ينفي أن
لحظة الانطلاق كانت بلا مخطط واضح ولا أهداف محددة في مطالب قد اتفق عليها الجميع،
بل جاءت أغلب هذه المطالب في صيغة شعارات طالما تم ترديدها على مدار العقد الأخير،
من نوعية التغير والعدالة الاجتماعية والحرية.
ثالثاً: تكمن قوة ما حدث في بلاد الربيع العربي
الى ما يسمى «قوة الحشد» وجديتها وابتكارها. فالبحث عن حال الصمود والتعبير عن الغضب
والمطالبة بالحرية الى الإطاحة برأس النظام لم يكن وليدة صدفة انما كان وليد لحظة انخراط
حقيقي للمواطن العربي الذي تشجع وسط الجمع ووفرة الجماهير حوله.
فقد لعبت سياسة الحشد والاحتجاجات الشعبية دوراً
لا يستهان به في انتفاضات الربيع العربي وما تلاها من حراك سياسي، وأضحت التجمعات والمليونيات
وما يسبقها من حشد إلكتروني أكثر سرعة وحسماً من الأحزاب التقليدية في بلوغ الأهداف
وتحقيق المطالب. وهنا نعود الى الدور المهم الذي لعبه الشارع الفضائي بل تكنولوجيته
التي جمعت الواقع المشتت لدى الشاب مفجر الغضب، أو بمعنى أدق كاشف وناشر الغضب المكبوت
لدى الجماهير والمضطهدين في السجون ومراكز الشرطة، وحتى في الحياة الخاصة والعامة لدى
المواطن العادي سواء في عمله الرسمي أو في رحلة البحث عن عمل موقت. تجمعت كل هذه الهموم
والغضب المكتوم في صدور الجماهير بعدسات الشباب وبثها عبر الايميلات الشخصية، عبر البريد
الإلكتروني، لتتطور في ما بعد الى المدونات الشخصية للكتاب والنشاطين والصحافيين والمعارضين
من الشباب، وتتحول في ما بعد الى المواقع الإلكترونية، وتتطور بعدها الى مواقع التواصل
الاجتماعي في الفيس بوك وتويتر، فضلاً عن تطور استخدام الهاتف النقال من إمكانيات التصوير
والتسجيل العالية.. كل هذا ساعد على شحن الجماهير وبات صوتها مسموعاً، وما تبثه من
شكوى له صدى يردده آخرون. ومن هنا يمكن القول بأن الشارع الإلكتروني الفضائي اعتبر
مسرحاً كبيراً خطط فيه الحراك الشعبي حربه القوية على الأنظمة التي لم تستوعب عقلية
الشباب ولم تواكب أفكارهم الجديدة واستغلالهم لهذا النوع من الميادين البكر، ولعل الفضاء
الالكتروني كان من أكبر المميزات لهذا الحراك العربي.
الأسباب
رابعاً: هناك أكثر من سبب جعل الجماهير العربية
تحتشد وتخرج للإطاحة برؤوس أنظمتها، وهكذا سقط زين العابدين بن علي في تونس كما سقط
مبارك في مصر، لكن ما تمت معاينته بعد توحد الشعوب في إسقاط الأنظمة هو انقسامها وانشقاق
صف التحركات الجماهيرية ما بعد ذلك، وذلك نتيجة للتعثر السياسي الذي جاء دون مستوى
آمال الحراك الجماهيري، حيث تفاقمت الأوضاع الاقتصادية في كل من مصر وتونس واليمن وليبيا،
كما ظهرت طبقة اجتماعية جديدة بثراء مريب وملفت للنظر، وهي طبقة (الإسلاميين الجدد)
في السلطة. وهنا حدث انشقاق وتمايز بين صفوف الجماهير، وبات التقسيم على ما هو إسلامي
وغير إسلامي. وهو الأمر الذي كرسته مجموعة من العوامل منها ما هو مرتبط بالتعليم، سواء
التعليم العام أو التعليم الديني، فقد ساهم تراجع مؤسسة التعليم والبحث العلمي في الدول
العربية الى خلق فجوة كبيرة بين العقل والتفكير حالت دون خلق خطة واضحة المعالم مع
وضع خطة أخرى بديلة، في حالة انغلاق الطريق، للنهوض بالمجتمع، أو ما هو مرتبط بالأخلاق
والمتمثل في ازدواجية الشخصية سواء العامة أو شخصية المواطن والخلط بين المفاهيم لدرجة
التعصب والأحادية التي تصل الى مراتب الاستعلاء. بالاضافة الى التشتت العام الذي يقترب
الى مفهوم الفوضى وفرض الرأي على الآخر.
وكل ذلك أدى ذلك الى انقياد الجمهور، المحرك الثوري
الأساسي ليقع فريسة الأتباع، وليكون سهل الانصياع لأي توجه ولأي أمر يُلقى إليه، وتم
بذلك اختراق الحراك الثوري وتقسيمه وفقاً للحزب الذي استولى على السلطة.
الفقر
خامساً: مما لا شك فيه أن الفقر وسوء التعليم مرة
أخرى، والتمسح بالقشرة الدينية كانت من أهم العوامل التي مهدت الطريق لوصول الاسلام
السياسي الى الحكم، يضاف الى ذلك وهي الميزة التي تحسب لجماعة الإخوان المسلمين في
مصر أنهم رجال ممارسة وانخراط مع الطبقات الدنيا داخل عمق المجتمع المصري، مما سهل
لهم السيطرة على هذه الطبقات وتوجيهها عبر المساجد وعبر الخدمات السلعية والعينية والمادية
من باب الصورة المثالية للجماعة التي تمثل جمالية الإسلام في إطعام الفقير. وقد تمكنوا
من الشعب وجذب أصواته الانتخابية مرتكزين على: «التأكيد» بأنهم رجال دين وصلاح، «التكرار»
بترديد طوال الوقت، بأنهم أصحاب الثورة والتغيير، «العدوى» التي ساهموا في انتقالها
بسهولة بين عامة الشعب كالمرض في شيوع «التأكيد» عنهم و»تكرار» ما يقولونه وما يصفون
أنفسهم به.
لكن في واقع الأمر، وما حدث بالفعل بمجرد وصول هذا
التيار الى الحكم لم يفعل غير ما يفعله أي نظام استبدادي، حيث لم يقدم على تطوير التعليم
والصحة والعمل فضلاً عن قطاع الخدمات العامة المنهار. وانشغل الحزب الحاكم بتمكين حكمه
في أركان الدولة بما يعرف بـ(أخوَنة الدولة)، وحين انهارت وتداعت القطاعات الخدمية
وتفاقمت نسبة البطالة والأمية والمرض، صرّح الحزب الحاكم بأنها من مخلفات العهد البائد
وتركة ثقيلة تحتاج سنوات لإصلاحها. ومع ذلك لم يقدم الحزب الحاكم أي بديل أو أي خطة
للتطوير والإصلاح، وحين سُئل عن مشروع النهضة، قال: إنه مجرد أفكار، ولم يكن مشروعاً
حقيقياً على أرض الواقع.
وعلى الرغم من أن ما صفقت له الجماهير في أجواء
من ربيع الدهشة الذي تفاعل معه الحراك الشعبي بات خريفاً وصفعة من الأحزاب الحاكمة
التي لم تقدم جديداً عمن سبقها من الأنظمة السابقة سوى ترديد الكلمات والشعارات ذات
الصبغة الدينية، بالإضافة الى سعيها المستميت، خصوصاً في مصر، الى الاستحواذ على مفاصل
الدولة و»أخونة» مؤسساتها.
الصراعات
سادساً: في المرحلة التي كان من المفروض أن تتوحد
فيها الرؤى والجهود من أجل إعادة بناء الوطن، طفت صراعات سياسية محضة على واقع الدول
التي لم تخرج بعد من صدمة وحماسة إسقاط أنظمتها العتيدة، ولما انقسم الشارع الى اسلامي
وعلماني وفلول، نشأ الصراع ليس من أجل تحديد أجندات المرحلة وتطوير الحراك الثوري،
بل من أجل تشتيت الرأي العام أكثر وإدخاله في حلبة الصراع مدافعاً عن هذا الزعيم أو
ذاك، ليس على قراءة موضوعية، بل على هوى وميل نفسي وما يتردد في الاعلام. وهكذا فقد
الحراك الثوري ثورته وأهدافه الحقيقية في الصراع الفوقي للتيارات التي تريد أن تستحوذ
بالمشهد وبالسلطة. وبلا شك كان هذا الصراع الدائر مطرقة أضاعت الكثير من الوقت في مهاترات
بلا قيمة.
وكانت النتيجة لهذا الزخم الاستغلالي الاستحواذي
على الحراك الثوري إشاعة حالة من النفور وفقدان الحماسة الحركية ليفقد بريق الحشد فطرته
التلقائية بإحساس الخطر على ثورته التي لم تكتمل بعد. وعلى الرغم من هذا الاستشعار
الفطري الذي ظل يقاوم محاولات الاستقطاب والتحزب التي يمارسها عليه النخبة وأجهزة الاعلام
لتوجيه الحشود لهدف محدد ومعيّن، مثل الحشد لتأييد العسكر أو الحشد لتأييد الإخوان
أو الحشد لتأييد الشريعة، بينما ظل الحشد من أجل الثورة، وفهمها الصحيح في تحديد مطالب
محددة، قاصراً ولم ينضج بعد، بل تم اختصاره في الحشد الموسمي تحت تظاهرات حق الشهداء
والقصاص والمحاكمات التي، أيضاً أصابها الفشل.
الفضاء الإلكتروني
سابعاً: انطلق الحراك الثوري الغاضب والذي تم تأجيجه
من خلال الفضاء الإلكتروني لينفجر في لحظة حاسمة تتعمق جذورها في أعماق عقود طويلة
من البطش والإهمال والاستبداد بعيداً عن أي فكر تآمري وبعيداً عن اللعبة والمؤامرة
الدولية ومزاعم التقسيم. وما يجب اقراره هو أن هبة الشعوب العربية والتي خرجت مدنها
الكبرى اعتراضاً على واقعها الاجتماعي السيئ مطالبين بتحقيق العدالة والحرية لم تكن
مسيسة في خروجها، مع الاعتراف بوجود شبهة استغلال هذه الحشود في ما بعد. أما تخلي الموقف
الدولي عن الأنظمة السابقة (تونس ومصر) فيمكن تفسيره بإيمان القوى العظمى بأن حلفاءها
من المستبدين لم يعودوا قادرين على المحافظة على مصالحهم، ومع ظهور الفصائل الإسلامية
التي أكدت للنظام الدولي بأنها خير حليف وخير راع لهذه المصالح وخير وريث للأنظمة السابقة
بما لها من قاعدة شعبية وسيطرة على الشعوب العربية، وخاصة في التجربة المصرية وفصيل
الاخوان المسلمين، كانت الاستجابة الأجنبية ودعم هذا الفصيل الى حين إثبات العكس.
إن أميركا تبنت، بحسب لغة المصالح العالمية، مصلحتها
في المنطقة العربية وفقاً لـ»لهم الشريعة ولنا النفط». وهذا ما يفسر التأييد الظاهري
والرسمي لإدارة أميركا للأنظمة الإسلامية التي جاء بها الربيع العربي لتحريك المنطقة
وتغيير رتابة واقعها القديم، وحتى تثبت أميركا للعالم الاسلامي أنها غير معادية للشريعة
الإسلامية وأنها تدرك الخط الفاصل بين الإسلام وشريعته وبين التطرف والإرهاب، فليس
من مصلحة الولايات المتحدة أن تدخل في صراع مباشر، وفي العلن، مع الإسلاميين الجدد
طالما أمّنوا لها مصالحها الخاصة، وطالما لها اليد العليا في السيطرة على منابع النفط
في الشرق الأوسط.
ومع فشل حكومات ما بعد الحراك العربي، أو فشل الشعوب
في تحقيق أهداف ثورتها، تجدد الحديث مرة أخرى عن نظرية المؤامرة التي ظل يروج لها البعض
في ظل الأنظمة الجديدة للربيع العربي، لكن هذه المرة بأبعاد أخرى خرافية أكثر وكأنها
حرب كونية ضد الإسلام غير مدركين أن العالم الآن غير مستعد لدخول حروب مسلحة بين أطرافه
من أجل، أو ضد، الإسلام، وإن حدث فسوف تكون نزهة عسكرية مثلما حدث في ليبيا مع حلف
الناتو، والخاسر دوماً سيكون الأكثر ضعفاً والأكثر تغيباً عن اللحظة التاريخية التي
يفرضها قانون التطور للتعايش الحر وانفتاح العالم. السيطرة الآن لحرية الإنسان التي
تنص عليه الدساتير العالمية كافة.
والحقيقة أن الاختيار الأكبر لحرية الانسان الذي
واكب التكنولوجيا الحديثة والسماء الفضائية المفتوحة على مختلف التيارات والأفكار هي
الحرب الكبرى الكونية التي فشل فيها العرب، كالعادة، وسقطوا، كالعادة، وربما سوف يتم
التقسيم، كالعادة أيضاً. وهذه هي المؤامرة الحقيقية بين الانسان والتطور إما النهوض
للحرية أو السقوط كما سقطت الأنظمة السابقة. وهذا ما يجب أن تفهمه عقلية أنظمة الربيع
العربي حتى لا يزداد لغط عن مؤامرات العالم ضد الاسلام وجرّ الاسلام الى حرب لا ناقة
له فيها ولا جمل.
ثامناً: الأزمة السياسية التي يعانيها الحراك الثوري
ابتعدت، بل انحرفت، عن مسارها الطبيعي وهو خلق قواعد جديدة لإقامة نظام ديمقراطي جديد
محل نظام استبدادي قديم، لتصبح في مجملها بؤرة العديد من الصراعات المستميتة للاستيلاء
على السلطة، ومن ناحية أخرى صراعات أعنف للاستيلاء الكامل على الدولة.
ومن هنا تفرغت الأزمات لتشمل الاعلام العربي والنخبة
والمعارضة والسلطة الانتقالية سواء العسكرية في مصر وفي تونس والمدنية في ليبيا واليمن
حيث تكاتف الجميع من أجل صناعة الأزمة وتصديرها للحراك الشعبي من خلال تصدير الصراع
على السلطة الذي لم يكن صراعاً ذا أجندة سياسية واقتصادية وتنموية بل انحصر حول الأشخاص
وتلويث سمعة البعض وتأليه البعض الآخر الى أن انقسم الحال الى تقسيمة: المعارضين والفلول
والمتأسلمين.
0 التعليقات :
إرسال تعليق