مولاي راس ومولاي الكوهن(*) إدريس كثير.

معروف أن الأنتربولوجيا قد تطورت من الإثنوغرافيا إلى الإثنولوجيا... لكنها في كل هذه التحولات حافظت على جوهر سوسيولوجي لم ينفلت منها هو كونها ثقافة الآخر.
الأنثربولوجيا هي البحث في ثقافة الآخر. بل هي الآخر حين يبحث في ثقافتنا. هذا التقابل وهذا الترحال من الذات إلى الآخر ومن الآخر إلى الذات هو ما يميز هذا العمل الإثنوغرافي للفرنسي أوغشت مولييراس Auguste Moulieras الصادر بوهران سنة 1895 تحت عنوان "المغرب المجهول" (اكتشاف الريف) الجزء الأول و(اكتشاف جبالة) الجزء الثاني. ترجمة د. عزالدين الخطابي.
إذا تجاوزنا الأهداف الإيديولوجية والسياسية المُغْرِضَة كما وظفتها الإدارة الاستعمارية واكتفينا بالتركيز على الاستكشاف بما هو صرامة علمية تروم المعرفة الحقيقية والموضوعية للواقع المدروس فإن مولاي راس، ورغم أنه لم يطأ أرض الريف ولا جبال جبالة قط، استطاع من خلال مخبر رحّال، طالب، باحث قَلَّ نظيره هو القبايْلي محمد بن الطيب أن ينقل لنا صورة عن أنفسنا تقـارب أن تكون حقيقية. اختبارا لقـوله: " افتحوا هذا الكتاب وأوقفوا أي ريفي أو جبلي التقيتم به، متعلما كان أو جاهلا، واقرؤوا عليه الجزء المتعلـق بقبيلته وبالمنطقة التي يعفرهـا وسيكون رد فعله بمثـابة إدانة لي أو إثبات لما قُلته ".
إننا بالقدر الذي نُدين فيه الاستعمار والاستغلال والنزعة الغرائبية بالقدر الذي نعترف فيه بالبحث الأمبريقي وبالدراسة الموضوعية التي تجعلنا نكتشف أنفسنا من خلال الآخر المغاير لنا تماما.
ومعلوم أيضا أن الشعّرية قد أنبثقت من البلاغة تطويرا للاستعارة والتشبيه والجناس والأوزان والإيقاع والمعاظة والمفارقة... لتبلور "كلاما ساميا". "le haut langage" وهو كتاب الفيلسوف الناقد جان كوهن الصادر سنة 1979. ترجمة د. محمد الولي.
منذ البدء يضعنا المترجم أمام إشكالية الترجمة. في مقدمة طويلة نسبيا (60 صفحة) يُبين فيها فهمه للشعرية منذ أصولها اليونانية خاصة مع بويطيقا وريطوريقا أرسطو مرورا على / بجذورهما العربية البلاغية ثم اللاتينية حتى يصل إلى مولاي كوهن ويوجز لنا أطروحاته بغير قليل من التوضيح والتلميح، ليصل إلى معركة الترجمة في العالم العربي ممثلة في شخص الدكتور أحمد درويش (من مصر) الذي ترجم نفس الكتاب بـ "اللغة العليا".
إذا تجاوزنا "المستوى المُتدنّي والمسّف لحالة الترجمة في العالم العربي" واكتفينا بالتركيز على الشعرية باعتبارها نظرية في الشعر. فرغم أنها لاشعرية فهي تميز بين العبارة النثرية التي تقتضي النفي والعبارة الشعرية التي تستعصي على ذلك. العبارة الشعرية لا تحيل على شيء إنما تحيل على ذاتها وهذه هي الوظيفة الشعرية (ياكبسون).
الشعر كلام وجداني يقظ ينفعل أمام العالم ويصبح بالتالي "أونطولوجيا". لهذا السبب ربما اعتبر هايدجر أن الشعر والفلسفة – قمتان متقابلتان. الأول لغته هي الاستعارة والمحسنات الأخرى، والثانية لغتها هي المفاهيم والقضايا الأخرى. والطريق الموصل إليهما هو طريق أنطونيو ماتشاذو :
                    أيها المشائي لا طريق هناك
                    خطواتك هي الطريق لا أكثر
                    ما يعبد الطريق هو المشي./.




* - صيغت هذه الورقة بمناسبة الاحتفاء بترجمتي د. عزالدين الخطابي "المغرب المجهول"، ود. محمد الولي "الكلام السامي". الذي نظمه اتحاد كتاب المغرب فرع فاس يوم السبت 14 دجنبر 2013/ بمديرية الثقافة. 
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار