مجلة الربيع : جديد مركز محمد بنسعيد آيت إيدر للأبحاث والدراسات

مجلة الربيع : جديد مركز محمد بنسعيد آيت إيدر للأبحاث والدراسات
يعتزم مركز محمد بنسعيد آيت إيدر للدراسات والأبحاث إصدار مجلة فصلية اختار لها من الأسماء إسم : ” مجلة الربيع ”. هنا تجدون في المرفق أرضية ملف العدد الأول من المجلة ،وهو يدور حول مسألة “السياسة والدين : المحاور والإشكاليات.
مجلة الربيع
دورية فصلية فكرية ثقافية يصدرها
مركز محمد بنسعيد آيت إيدر للأبحاث والدراسات الدار البيضاء / المغرب ملف العدد الاول :
السياسة والدين: المحاور والإشكالات
منذ أواسط ثمانينات القرن الماضي، ومقولة “الانتقال إلى الديمقراطية” تتصدر معظم الخطابات حول
التغيير في المغرب. وفي كل مناسبة ينفتح فيها احتمال من احتمالات هذا الانتقال، يُواجَه ويُجهض بالدين عندما لا
تكفي وسائل السياسة لتفيَ بالغرض، مما يطرح بحدة كل الإشكالية القديمة الجديدة للعلاقات بين السياسة والدين
ووظائف الدين في مغرب اليوم.
وإذا كانت محاولات الانتقال تلك، تنتكس في كل مرة، وتنتهي إلى تجديد وتحيين مركزية الدين كسلطة
وكواقع صلب يصعب اختراقه وتفكيكه، فإن وقائع الظرفية الجديدة التي تَكرَّس نعتُها ب “الربيع العربي”، وما أحدثته
من رجّات في البُنى السياسية والثقافية المحافظة، أعادت النقاش العمومي مجددا حول ضرورات وشروط الانتقال إلى
نمط جديد من تمفصل السياسي والديني، يتحدد من جهة ك “فصل بين الدين والسياسة” يُعيد الدين للّه ويُبقي الوطن
للناس، كل الناس، و من جهة ثانية ك “ملكية برلمانية”، تَرجِع فيها السلطةُ للشعب، صاحب السيادة الأصلي، وتسمو
الشرعية الشعبية فيها على الشرعيات الأخرى، الدينية والتاريخية، الفعلية، أو المفترضة، للمَلَكية المغربية.
واليوم أيضا، ها هي مخاضات “ثورات الربيع العربي” تنتهي إلى حيث نعرف: التفاف كبير على صيرورتها،
في المغرب، من خلال عرض دستور جديد (2011) ، وتنصيب حكومة يرأسها حزب العدالة والتنمية الإسلاموي،
وتحويلها في أغلب البلدان العربية الأخرى إلى ثورات مضادة تُفكّك ما بقي من كيانات ومن روابط جامعة قومية أو
وطنية مرتدة بها إلى ما قبل الدولة والمجتمع (العشيرة والطائفة والمذهب والعرق والنوع) …، مما تبخّرت معه كل
الآمال في انتقال حاسم إلى “دولة مدنية” كان قد لاَحَ في لحظة ما وكأنه قبْضَ اليد.
فهل كان كل هذا المخاضُ مجرد حمل كاذب حجبت حقيقتَه أوهامُ مثقفين حداثيين متحمسين لكن
مفصولين عن “الحقائق” العميقة لتاريخ وواقع بلدانهم ول “خصوصية” مجالهم الثقافي الذي يمثل الدين فيه الشكل
الأساسي للوعي بالذات وبالعالم، أم أنه كان حابلا حقا بوعد انقطاع تاريخي ممكن ووشيك لن يُمثّل فوق ذلك سوى
تصحيح، متأخر ربما، لحالة تأخر تاريخي مديد؟
ما هي الأدوار التي لعبها الإسلام كدين وكإيديولوجيا في هذه المخاضات: هل كان العائق أمام “الدولة المدنية” دينيا
أم سياسيا؟ ألم يكن الدين نفسه مجالا للصراع لا أداة له فحسب؟ لماذا جاء أداء كل من حزب العدالة والتنمية وحركة
العدل والإحسان على تلك الدرجة من التباين والتعارض سواء في التموقع السياسي أو في تأويل الدين ذاته رغم وحدة
مرجعيتهما الفكرية؟ وأي دلالة لما لوحظ من أداء خاص واستثنائي فيها، للزوايا والطرق (البوتشيشية بالخصوص)،
ولبعض وجوه السلفية الجهادية التائبة الذين حولتهم بعض المنابر إلى نجوم؟
ما معنى الإصلاح الديني في مغرب اليوم، مغرب القرن الواحد والعشرين، هل تكفي فيه مجرد”هيكلة للحقل الديني
اُفُقها تدبير سياسي ظرفي ورهانها التحكم والسلطة؟ هل بالإمكان تحرير الدين من السياسة بدون تحرير السياسة من
الدين؟ ما دلالة تلك الضجة التي واكبت الانقلاب، أثناء إعداد دستور 2011 ، على صيغة مسودته الأولى التي تم
التنصيص فيها على أن المغرب “بلد إسلامي”، قبل أن يُفرض التقهقر إلى صيغة “دولة إسلامية”؟ هل كانت الكوابح
فقط في الدولة ومراكز السلطة فيها أم (أيضا) في نُخب المجتمع وتاريخ علاقاتها مع السلطة؟
ولماذا إذن هذه العودة القوية للدين ولاستعمال الدين كرهان سلطة وأحد عناصر القوة السياسية والاستراتيجية،
من طرف السلطات الحاكمة كما من طرف معارضاتها، ليس فقط داخل حدود المجال الترابي الخاص بكل دولة، بل
أيضا في الممارسة السياسية للعلاقات الدولية وصراعات الهيمنة الجيو استراتيجية بين الدول، التي تمزق عالم
اليوم؟ وهنا مثلا، هل وقائع كتغذية وإدامة الصراع السني الشيعي وبالمقابل بناء تحالف صهيوني وهابي هي مجرد
عوارض خارج إطار الأهداف الأساسية لخرائط استراتيجية دينية سياسية قيد البناء والتنفيذ؟
ما دلالة هذا النكوص من الفصل الذي أقامه العصر الحديث بين مجالي سيادة كل من الدين والدولة إلى
علاقة التبعية الجديدة التي أصبح الدين فيها خادما للسياسة، وتحديدا للسلطة؟ وما هي آثار ذلك على المسارات
والنماذج التاريخية الكبرى التي عرفتها تجارب الفصل بين الدولة والدين، وخصوصا، على الطموحات الحالية لإنجاز
ذلك الفصل؟ وهل ستكون صيغته “دولة مدنية” أم “دولة علمانية”؟
وهل بإمكان الطامحين لهذا الفصل أن يأملوا حقا في إمكان تشكّل مجالٍ ل “شأن خاص” والاعتراف به، في مجتمعات
لم تخرج بعد من طور الأسطورة ولم تعرف تأسيسا للإنسان الفرد المستقل، سواء كشخص أو كمواطن؟ وهل تكفي من
أجل ذلك ثورة سياسية، أم أن الثورة السياسية نفسها بالمعنى الأصيل، لن تكون سوى التتويج النهائي لثورات سابقه في
العمق، علمية وثقافية، تعيد تأسيس كل الحقول، من الدين إلى السياسة والقانون ومن العلوم إلى الأخلاق والفن،
وفق معايير وقيم الحداثة؟
وما الحداثة اليوم، وماذا بقي منها بعد أن خبا بريق وجهها كقيم ومشروع تحرري إنساني كوني، لصالح وجهها الآخر
كميزان قوى، كاستعمار وإمبريالية، واستيعاب وتنميط ثقافيين، وبعد الاختزال القسري للمواطن ولحقوقه فيه إلى
المستهلك” وحقوق مشاركته في السوق؟
كيف يعيش مغاربة اليوم إسلامهم؟ وهل يتعلق الأمر بالإسلام بالمفرد أم بإسلامات بالجمع بالغة التعدد
والاختلاف حسب الأوضاع (النوع، السن، مستوى التعليم والثقافة، الانتماء الاجتماعي والمجالي…)؟ ألا تخفي
ظواهر التضخم والاستعراض في التعبيرات الدينية عندهم في المجال العمومي (طقوس، رموز، خطاب…) تراجعا
للروح وللقيم الدينية قابلا للملاحظة والقياس؟ خلال كيف يتمثلون مفاهيم الحقيقة والتاريخ والطبيعة والإنسان والله
والشيطان والجن والدين والدنيا والجنة وجهنم والحلال والحرام والرزق والبركة والحسد والعين…إلخ؟ وما علاقة تلك
التمثلات بمكتسبات وثقافة العصر، وبالأسس العقائدية للإسلام ذاتها؟
ماهي الشروط التي سمحت في الغرب بإخضاع الظاهرة الدينية للموضعة وللتناول العلمي والفلسفي؟ ألا يكفي
توسيع مجال ذلك التناول وتعميم تطبيق نتائجه من حيث هو علم لتشمل أديان مجتمعات وثقافات أخرى كالإسلام؟
هل للإسلام وضع خاص، من الناحية اللاهوتية والابستمولوجية، يجعله، بخلاف اليهودية والمسيحية مثلا، فوق النقد
التاريخي من أي مستوى كان؟ ألا يؤكد تاريخ الإسلام ذاته، وتراثه العكس تماما؟ لماذا يستنكف المسلمون عن إلقاء
نظرات أخرى على إسلامهم غير تلك المكرسة في السيَر والتواريخ الرسمية والتي يختلط فيها التاريخ مع أسطرة التقليد
والماضي ككل ورفعهما إلى مستوى المطلق والمقدس، وبالمقابل ينظرون نظرة ارتياب وإدانة للمجهودات العلمية لغير
المسلمين بمن فيهم متعاطفون لا يخفون إعجابهم بدين الإسلام وبحضارته؟ ولماذا يطغى النقد الإيديولوجي، الدفاعي
والسطحي في الغالب، أو المتحامل والمتبرئ أحيانا أخرى على أغلب إنتاجات الفكر العربي المعاصر، ويغيب أو يندر
التناول العلمي من منظورات العلوم الإنسانية والاجتماعية؟ ولماذا كانت كليات العلوم بالخصوص، طوال عقود وليس
كليات الشريعة أو شعب الدراسات الإسلامية هي القلاع الأساسية الحاضنة لفكر وتنظيمات الإسلام السياسي؟
وأخيرا، أليس في اعتبار الدين مجرد واقعة اجتماعية تاريخية يمكن للمناهج والتقنيات الوضعية للعلوم الإنسانية
والاجتماعية استنفاذها، اختزال وإفقار، يستدعي نمطا آخر من المقاربة، فلسفي، يفهم “المعنى” الكامن في الدين

كتجربة تعالي وكنمط للحضور في العالم ولمراقبته، في ما وراء الطقوس والسلوكات القابلة للملاحظة من الخارج؟
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار