أفلام مغاربية تتألق في مهرجان السينما الأفريقية بمونتريال
اطار الدورة الثلاثين لمهرجان «رؤى افريقيا - Vues d,Afrique» الذي يقام في مدينة مونتريال ، حصلت افلام مغاربية عدة شاركت في المنافسات العالمية على جوائز عدة. اتى في طليعتها الفيلم المغربي «هم الكلاب-C,est Eux les Chiens» الذي حصد ثلاث جوائز: واحدة لأفضل عمل روائي طويل، وأخرى لأفضل ممثل (بطل الفيلم) وأخيرة لحقوق الإنسان. وقد عزتها لجنة الحكام الى «جرأة التعبير وطريقة استخدام الكاميرا وشجاعة السيناريو الذي وضع احتجاجات العرب امام مفصل تاريخي».
"هم كلاب" فيلم كوميدي تراجيدي. مدته 85 دقيقة. وناطق بالعربية مع ترجمة الى الفرنسية. ومخرجه هشام العسري وبطله الممثل المسرحي حسن بديدا. ويتمحور الفيلم حول قصة مواطن مغربي («المجهول») تعرّض للاعتقال في الدار البيضاء ابان «انتفاضة الخبز» عام 1981. وأفرج عنه بعد 30 سنة. وتزامن خروجه من السجن مع انتفاضات الربيع العربي وحركة 20 فبراير المغربية التي طالبت بإصلاحات سياسية ودستورية واجتماعية واقتصادية من خلال تظاهرات احتجاجية عارمة لم تخل من اعتقالات تعسفية. وأثناء تلك التظاهرات التي كان يغطيها فريق تلفزيوني مغربي، استرعى انتباهه رجل وسط الجماهير تبدو على ملامحه وتصرفاته علائم الحيرة والاضطراب والارتباك، فيقررالفريق تتبعه ويصر على استدراجه بالهزل تارة والجد تارة اخرى ظناً انه يختزن معلومات قد تشكل مادة اعلامية مثيرة.
وبفضل الفريق التلفزيوني يستذكر «المجهول» حقبة من حياته النضالية ومشاركته في «ثورة الخبز» التي اودع بسببها آلاف المعتقلين مثله في السجون. الا انه لم يستوعب مدى ما حصل من تغيرات غابت عنه ثلاثين سنة. فعاش حالة من العبث والضياع حائراً مشرداً بلا هوية ولا عائلة ولا ابناء. فالجميع لا يعرفون عنه شيئاً. وإن من كان على دراية به قد ظن انه مات. اما هو فأصبح مجرد انسان تائه مجهول دون اسم او نسب او اصحاب او جيران ما خلا رقم الزانزانه الذي لم يفارقه. ويستمر على مثل هذه الحال من الضياع وسط تعقيدات اجتماعية وسياسية للواقع المغربي يسلط عليها المخرج اكثر من اضاءة . فهو يقارب بين حدثين او انتفاضتين جماهيرتين، احداهما مطلبية ذات ابعاد اجتماعية معيشية اجهضت حينها لأنها، كما يوحي الفيلم، قد حوصرت في مكانها ولم تنطلق الى العلن ولم تصل ابعادها الحقيقية الى عامة الناس ولا اصداؤها الى خارج البلاد. اما الثانية انتفاضة 20 فبراير (شباط) 2011، التي ولدت من رحم انتفاضة الخبز وإن باعد بينهما الزمن. ويبدو ان الفيلم قد نجح في مقاربته الإعلامية بين تلك الحقبتين: حقبة الإعلام التقليدي، اعلام النظام المناهض لكل تغيير او اصلاح والمستخدم كوسيلة لتخدير الناس، والإعلام الحر المتنوع الذي بلغ سن الرشد وخرج عن سيطرة السلطة الحاكمة في ظل تنامي شبكات التواصل الاجتماعي ودورها البارز في استنهاض ثورات الربيع العربي وتجرؤ المحكومين على حكامهم والإطاحة بهم.
في هذا السياق ينتهي الفيلم بمشهد معبر يجري داخل استديو التلفزيون وفيه الرجل «المجهول» الذي خشي التعريف عن نفسه او ذكر اسمه، رغم طمأنته وتشجيعه على التحدث والتعبير بحرية عما يشاء. هذه الوقفة هي اشارة صريحة ربما الى ان البطل الذي خرج من السجن بعد 30 عاماً لم يجد في عالم «الحرية» ما يطمئن او ان شيئاً مهماً قد تغير. فالبلد من الخارج يبدو في حالة ستاتيكو وفي الداخل يغلي ويضج بالتناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسة.
وفي المقلب الجزائري قدّر لثلاثة افلام ان تفوز بجوائز مختلفة. ابرزها فيلم « قبل ايام» Les Jours d,Avant للمخرج كريم موسوي. وهو من انتاج جزائري فرنسي مشترك ( 47 دقيقة ). ويتحدث عن حياة مراهقين عاشا في فترة ما يسمى «العشرية السوداء» اي الحرب التي اندلعت في اوئل التسعينات بين النظام الجزائري وجبهة الإنقاذ الإسلامية. ويحاول الشابان ياسمينة وجابر (سهيلة معلم ومهدي رمضاني) ان يوفقا بين طموحاتهما المتحررة وثقل التقاليد والقواعد الاجتماعية المحافظة. الا ان المناخ العام في البلاد لم يكن يسمح لجيل التسعينات بناء علاقات عاطفية او اي تواصل بين الجنسين.
اما فيلم «عودة الى مونت لوك» وهي احدى ضواحي مدينة ليون الفرنسية، فقد تلقى افضل جائزة عن فئة حقوق الإنسان لقوة تأثيره وموضوعه الذي لم يطرح من قبل. مدة الفيلم 50 دقيقة. وهو من اخراج فرنسي جزائري. ويروي قصة مناضل جزائري حكم بالإعدام ابان حرب التحرير. وبعد 50 عاماً على انتهاءعقوبته، عاد بطل الفيلم (مصطفى بودينا) الى «مونت لوك». مسترجعاً ذكرياته في سجن تلك المنطقة وحرمانه من حقوقه بما فيها حق المقاومة.
0 التعليقات :
إرسال تعليق