منذ تأسيسها ،
قبل ثمان سنوات ، مرت الجمعية البيضاوية للكتبيين من عدة محطات ، كما واكبت مجموعة من الأحداث والقرارات والمبادرات
الثقافية وتفاعلت معها وفق الأهداف
المسطرة في قانونها الأساسي الذي يربطها أخلاقيا مع كافة الكتبيين بالمغرب ، ومن صميم هذه المبادئ إشاعة ممارسة
القراءة باعتبارها حجر الزاوية في الفعل
الثقافي والتربوي والتعليمي .
وفي هذا الإطار ،
اشتغلت الجمعية بوسائلها الذاتية المحدودة
وأقدمت على عدد من المبادرات كان لها إشعاع وصدى لدى فئات واسعة من القراء
والمثقفين والإعلاميين .
ولعل أبرز تلك
المبادرات هي التنظيم السنوي للمعرض الوطني للكتاب المستعمل بالدار البيضاء ،
والذي راكم على مدى سبع سنوات تجربة تنظيمية وتواصلية جعلت منه موعدا تنتظره فئات
عريضة من عموم المواطنين والطلبة والمثقفين ، وأيضا الكتبيين الذين يزداد عدد
المشاركين منهم سنة بعد أخرى نظرا للإقبال الكثيف على معروضاتهم .
وفي هذا السياق ،
فإن الجمعية تسجل بارتياح كبير ان مبادرتها هاته كانت بمثابة مثال يحتدى به في
أكثر من مدينة ، كما تسجل باعتزاز أنها تمكنت من لفت انتباه أكثر من جهة مهتمة
وعلى رأسها وزارة الثقافة التي قدمت دعما
لوجستيكيا وتواصليا في الدورة السابقة للمعرض .
لكن هذه الصورة
المشرقة تخفي خلفها معاناة حقيقية مع
المعوقات التي تقف حائلا دون تطوير أداء الجمعية لمهامها الإستراتيجية الكبرى ،
وتحقيق ما يطمح إليه الكتبيون بالمغرب ، من اعتراف بأهمية وجودهم في خارطة طريق
الثقافة والقراءة وضمان حقهم في البطاقة المهنية وكل المكتسبات التي تحميهم من غدر
الإنقراض من جهة ، ومن جهة أخرى فإن غياب دعم الدولة والمستشهرين
والمنتخبين يقف حاجزا أمام تطوير أنشطتها
للوصول إلى أوسع فئات المجتمع وخصوصا الطبقات الشعبية في دوائر الهشاشة ، ناهيكم عن العراقيل
الإدارية والتأخير في تسليم التراخيص من طرف مجلس المدينة ... كل هذا يجعل
المبادرات الخلاقة محدودة ومحكومة
بالتلاشي عبر الزمن شأن العديد من الشبكات والمراصد والجمعيات المهتمة بالقارئ والقراءة
.
لذلك فإن الجمعية
البيضاوية للكتبيين ، وفي سياق التحضير
لفعاليات الدورة السابعة للمعرض الوطني
للكتاب المستعمل خلال شهر أبريل المقبل ، تدعو جميع هؤلاء إلى تقديم ما لديهم من
أفكار ومقترحات ومشاريع لتطوير القراءة بالمغرب ، وذلك في افق النهوض بالشأن الثقافي والمساهمة في إصلاح
التعليم ، لأن القراءة هي المدخل الأساس لكل تلك الأهداف . هذا مع الإشارة إلى أن
الدورة السابعة سوف تنعقد تحت شعار ''
أصوات من الصحراء " ، كمساهمة في التعريف بالثقافة الحسانية ومد الجسور بين مكونات الثقافة الوطنية بجميع
تمظهراتها .
إن تفاؤل الجمعية
البيضاوية للكتبيين بمستقبل الثقافة الوطنية ودورها في الإعلاء من القيم الإنسانية لا يعادله سوى الحلم بتأسيس تقاليد
ثقافية تتناغم والأبعاد العمرانية والسلوكية في الحياة اليومية للإنسان المغربي ، إذ لا
يكفي أن نفتح أندية ودورا للثقافة ، بل
ينبغي أن تصير الثقافة هواءً يتنفسه الجميع تجد فيه كل التعبيرات الفنية والثقافية
مكانا للتواصل .
وفي ما يخص
الكتاب فإنه سيكون من المفيد التفكير في
مشاريع لتجميع الكتبيين في فضاءات خاصة تضيف بُعدا جماليا لمختلف المدن المغربية
على غرار ما نشاهده في بعض الدول الأوربية والمشرقية .. فمن يا ترى يزور باريس أو
لندن أو القاهرة .. ولا تغريه محلات
الكتبيين على ضفاف السين أو سور الأزبكية أو شارع المتنبي ...
إنه جزء من مما
نتمنى تحقيقه وكلنا أمل أن تجد نداءاتنا
آذانا صاغية ومسؤولة .
يوسف بورة
0 التعليقات :
إرسال تعليق