صدر كتاب جديد عن الشاعر الفرنسي الراحل لويس أراغون
كتاب (أراغون... مصير فرنسي) لرفيقه السابق بيير جوكين (83 عاما) وهو سيرة ضخمة عن
الشاعر، وأجرت معه وسائل الاعلام عدة مقابلات عن أراغون وذكرياته عنه، ومن بين الذكريات
الطريفة أنه في العام 1967 كان الحزب الشيوعي الفرنسي يكثف الجهود من أجل السلام في
فيتنام فقال روشيه سكرتير الحزب لجوكين " أراغون مشغول جدا، ولن يكتب البيان،
ولكننا نأمل ذلك، وقد حصلت على الموافقة لأن تذهب إليه أنت في شارع فارين. حظا طيبا.
المزاج ليس على ما يرام". يقول جوكين إنه بذل أفضل ما يستطيع لكتابة بيان وذهب
به الى أراغون حيث كان يعمل على التحضير لمعرض مع بيكاسو. استقبله أراغون قائلا:
" يا صغيري إنهم يطلبون مني أكثر مما أطيق، وإذا ما استمر الأمر على هذه الحال
سألقي بنفسي من النافذة". أثناء ذلك كان يتمشى في الغرفة وكلما مر بالمرآة نظر
الى وجهه فيها. تحدث عن غوركي ومالرو وأشياء كثيرة خلال ساعتين دون أن يأخذ الورقة
وخرج. دخلت إلزا بصينية كبيرة عليها سماور من الشاي الروسي وهي تهمس لجوكين:
" كن صبورا... سيوقع " لو...يس" الورقة"، وتبعت اراغون لتوبخه
في الممر. عاد وقد بان عليه الجد وقال: " يا صغيري على المرء أن يعرف كيف ينهي إضرابه... عندك ورقة؟" وأخرج قلمه الحبر الأزرق
المفضل ووترمان وصار يقرأ وهو يردد " بيانك ليس جيدا" ثم لما سلمها إياه
بعد التوقيع وجد جوكين أن أراغون لم يغير سوى عبارة (حرب الولايات المتحدة في فيتنام)
الى (الحرب الأميركية في فيتنام)، وعندما نظر جوكين اليه قال: " ألا ترى...هذا
يغير كل شيء"!
يقول جوكين كان أراغون القائل في العام 1944
" أعاد إلي حزبي ألوان فرنسا" وطنيا متحمسا وشاعرا تضرب جذوره عميقا في أرضه
وشعبه، ولكنه كان يمقت الحرب " ما هو الشيء الأكثر إثارة للرعب؟ أن تكون جالسا
في الطين، ويسقط رفيقك الذي يحرس الخندق ميتا في حضنك". مع ذلك كان هو الذي طلب
في العام 1914 أن يرسل الى الجبهة، في الخطوط الأمامية، بوصفه طبيبا عسكريا، حيث كان
يجري تحت القصف ليخلي الجرحى، وأبدى شجاعة لا نظير لها استحق بها ميدالية صليب الحرب.
كتب مرة " نحن أحببنا الحرب كما يحب المرء زنجية" معارضا قول أبولينير
" ياربي كم هي الحرب جميلة".
يذكر جوكين أن أراغون قال له مرة " بروست!يا
صغيري... إنه ممل". وقال مرة عن مرغريت يورسينار " إنها تقطر سأما عجيبا".
وذم يوما بيكيت أمامه ثم علم أنه كان في ذلك الوقت يكتب مديحا لبيكيت.
ذهب جوكين ذات يوم الى بيت أراغون ليأخذ فكرة من
مكتبته عن الكتب التي قرأها والتي لم يقرأها فوجد أنه لم يكن يهتم بالدراسات الاقتصادية،
أما كتاب (رأس المال) فلم يفتحه أصلا، ولكن كتابات ماركس الفلسفية والسوسيولوجية والتاريخية
خصوصا (18 برومير) قرأها بالتفصيل ووجد ملاحظاته عليها. كان أراغون مثل صديقه أندريه
بريتون برجوازيا صغيرا عالي الثقافة، وكان قبل انضمامه للحزب فوضويا، ويقول جوكين إن
انتماء أراغون للحزب لم يكن انتهازية منه فقد كان الحزب وقتها ( نحو 1914) في اضعف
حالاته حيث يبلغ عدد أعضائه 30 ألفا.
يرى جوكين أن أراغون هو أول شاعر كتب عن معسكرات
الموت الالمانية، ومع ذلك فقد كان هو من كتب المدائح لستالين في الثلاثينيات عن محاكمات
موسكو برغم ان أحد ضحاياها كان الجنرال بريماكوف زوج شقيقة إلزا[الأديبة والسينمائية
(ليليا بريك) التي كانت قبل زواجها منه حبيبة مايكوفسكي وقد كتبت الى ستالين في العام
1936 تنتقد إهمال تراثه فالتفت ستالين الى يازوف قائلا: " أرجو أن تهتم يارفيق
يازوف برسالة السيدة بريك. ما زال مايكوفسكي هو الشاعر الأفضل والأكثر موهبة في فترتنا
السوفيتية، وإهمال تراثه جريمة. إن شكواها برأيي مبررة"- ج. ج]
كان تطرف اراغون في مساندة سياسة ستالين الحديدية
من منطلق معاداة النازية ولكنه في أخريات سنواته شعر بأنه كان مغاليا وندم، حتى أنه،
قال " هل أستطيع أن أقطع اليد التي كتبت تلك الأشياء؟". مثَّل أراغون برأي
جوكين شخصية تراجيدية من تراجيديا الشيوعيين. عندما عمل في السبعينيات مع جان ريستا
لإعادة طبع الأعمال التي كتبها في الثلاثينيات، وكان عليه أن ينقحها، سقط في الفراش
مريضا.
*(مجموع ما ورد هنا موجز عن جوكين ويمكن الرجوع
الى Aragon,
l'écrivain qui préféraitStaline à Proust في
Lenouvelobservateur وكذلك الى ردود الافعال المختلفة على موقع BibliObs).
0 التعليقات :
إرسال تعليق