«لا إمام سوى العقل».. دعوة إلى التفكير: بيار شلهوب
«لا إمام سوى العقل»، عبارة مقتطفة من بيت شعري لأبي العلاء المعري، اختارها الكاتب حبيب عبدالرب سروري عنواناً لكتابه، الذي استهلّه بموضوع بعنوان «في مديح رأس أبي العلاء»، تحية لهذا المبدع الخالد الذي حزّ الظلاميون رأس تمثاله في المعرّة.
يستلهم الكاتب أراء أبي العلاء التنويرية وتحديداً ما ورد في كتابيه «رسالة الغفران» و«اللزوميات» من أفكار اعتبرها مفتاحاً لعصر العقل والحداثة الذي أخفته قرون الانحطاط التي تلت عصره، معتمداً على البرهان المنطقي والتحليل العقلي، ناسفاً بذلك كل مسلمات الظلاميين التي تمنع التفكير، وتضمن البقاء في عصور الانحطاط، فهو «لم يوارب يوماً في جدله مع الفكر الظلامي، فأفكاره ديناميت ينسف مداميك ذلك الفكر بشكل لا نفاق فيه أو مساومة».
قراءات علمية
وتدور فصول هذا الكتاب حول سبعة محاور هي (الإنسان، الدين، التعليم، اللغة العربية والإنترنت، قراءات تراثيّة، الربيع العربي، العلمانية)، وجميعها تصب في مشروع واحد عنوانه؛ «لا إمام سوى العقل»، حسب تعبير الشاعر والفيلسوف أبي العلاء المعرّي.
لقد آن الأوان كما يرى الكاتب في إحدى مقابلاته حول الكتاب، لإيجاد دراسات فاعلة وقراءات علمية للدين والمسلمات، عبرها يتم هتك التعتيم الذي يغلّف العقل العربي من عقود طويلة، فإمكانية التطور مستحيلة إذا بقي التعليم يراوح في مغالق الدين ولم يُصر إلى الفصل بين الحقائق العلمية والغيبيّة.
عقلية النقد
ويرى المؤلف أن غياب عقلية النقد والنفي والرفض في ثقافتنا يفسر هذا التراجع والانحدار من قمة الحضارة التي بلغها العرب في العصور الوسطى إلى مدارك الحضيض، آخذاً على ثقافتنا اكتفاءها بثقافة «نعم» البليدة التي اعتادها العرب دون تمحيص أو برهان، فتلاميذ مدارسنا لم ينشؤوا على ثقافة الشك والنقد والرفض، وعلى ثقافة العقل المبنية على التساؤل والتحليل المستقل عن أية مسلّمة غيبيّة يلزم الإيمان بها مسبقاً.
ويكفي في ثقافة الـ«نّعم» أن يمتلك الإنسان عقلية الخروف كما يوضح، ويزدرد دون عسر هضم المسلمات الغيبية الجاهزة، يؤمن بها دون نقاش، أو أن يبذل أي مجهود أو وقت، هكذا يجد نفسه صاغراً، طائعاً، مستسلماً للقوى الظلامية التي تلجأ إلى تكفير وتعنيف كل من لا يأخذ بمسلماتهم الإيمانية. ويُعيد الكاتب أسباب تخلفنا إلى بنية التعليم العربي.
الكتاب: لا إمام سوى العقل
تأليف: حبيب عبدالرب سروري
الناشر: دار رياض الريس للكتب والنشر
القطع: المتوسط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق