تواجه عاصمة الترفيه في العالم خسارةً بسبب انتقال
كبار منتجي التلفزيون والأفلام الى مناطق أخرى لخفض النفقات، مما ترك الاستوديوهات
مجرد أماكن جذب سياحية.يستطيع المرء أن يشعر بسحر هوليوود بين جمهور السيّاح على
"ممر الشهرة"، وينحني هؤلاء أمام أسماء الممثلين والمنتجين المكتوبة في النجوم
الوردية على الرصيف.
(جون واين وويل سميث وفرانسيس فورد كوبولا
وكوينتين تارانتينو) أجيال من الموهبة والسحر مطوقة بالنحاس وقريبة بما يكفي ليلمسها
الناس.
تمر العربات المفتوحة والحافلات ذات الطابقين المكتظة
بالزوار الذين يحملون الكاميرات أمام أشجار النخيل والمسرح الصيني في الطريق الى جولات
منازل المشاهير، وهي في الواقع جولات سياج المشاهير لأنك نادراً ما تلمح القصور خلف
الشجيرات.
لكن هذا غير مهم فهذه الجولات واسعة الانتشار ويوجد
حالياً قرابة 40 مشغّلا لها. مع السماء الزرقاء وشروق الشمس الصحي فالطريقة الوحيدة
لاكتشاف الخريف هي في اللوحات الاعلانية عن الأفلام الحديثة المنتجة في العام الحالي
مثل "كابتن فيليبس" و"عبودية 12 سنة" و"الجاذبية".
كساد انتاجي
المظاهر خداعة، فمدينة لوس انجلس تتعرض لنزيف في
انتاج الأفلام. بدأت الأفلام الطويلة والدراما التلفزيونية بالهرب من كاليفورنيا، بينما
تستخدم ولايات أميركية ودول أخرى اعفاءات ضريبية كبيرة لإمتصاص أكبر قدر ممكن من أرض
الأفلام وتحويل عاصمة الترفيه العالمية الى قشرة سينمائية.
حصلت هذه الهجرة الجماعية على إسم وهو الانتاج الهارب.
فمن بين أكبر 50 فيلما من حيث الايرادات في العام الحالي جرى انتاج أربعة فقط في كاليفورنيا.
كان الرقم 20 من مجموع 50 فيلما سنة 1996. تدهور
انتاج الأفلام في الموقع بنسبة 60 بالمئة خلال 15 سنة في لوس انجلس. حتى فيلم
"معركة لوس انجلس" لم يجر تصويره هناك.تؤكد الاصدارات الحديثة هذا الاتجاه؛
إذ جرى تصوير فيلم الرجل الحديدي 3 في نورث كارولاينا، وفيلم الجوال الوحيد في نيومكسيكو،
وفيلم غاتسبي العظيم في استراليا، والجاذبية في انكلترا. انكلترا بدورها ستستضيف الإصدار
الجديد من سلسلة أفلام حرب النجوم. كما استضافت فانكوفر وهاواي الفيلم الذي حقق نجاحاً
باهراً "غودزيلا".
ما زاد الطين بلة على الممثلين والموسيقيين والفنيين
المحليين هجرة الدراما التلفزيونية من هوليوود وهي التي تنتج عملاً أكثر ثباتاً من
الأفلام. مسلسل "بريكنغ باد" كان من المفترض تصويره في "ريفرسايد"
خارج لوس انجلس قبل انتقاله الى نيو مكسيكو بسبب الاغراءات المالية. شهدت لوس انجلس
تصوير اثنين فقط من مجموع 23 عملا دراميا جديدا العام الماضي. بينما شهد عام 2010 تصوير
نصف تلك الأعمال في المدينة، وكانت النسبة 80 بالمئة سنة 2005.
أزمة مدينة
تعج المدينة بمنشآت مهجورة عازلة للصوت. احتفظت
لوس انجلس ببرامج واقعية وكوميدية تمتد الى نصف ساعة ولكنها أعمال ذات أجر واطئ.
يقول عمدة المدينة الجديد "ايريك غارسيتي":
"أن صناعة الترفيه هي السمة البارزة للمدينة، ولا يمكن تحمّل فقدانها. فالأمر
أكبر من مجرد ممثلي ونجوم هوليوود، انها صناعة توفر أكثر من 500 الف وظيفة جيدة الأجر
للطبقة الوسطى من الكهربائيين والنجارين ومتعهدي الطعام، أنا ملزم بفعل كل شيء ممكن
لإبقاء انتاج الأفلام هنا في لوس انجلس."يذكر غارسيتي أن كاليفورنيا عليها منح
تسهيلات ضريبية وائتمانات أفضل لمجاراة منافسيها مثل كندا وبريطانيا.
تعني هذه الاغراءات عشرات ملايين الدولارات للانتاج
الكبير. ففيلم الرجل الحديدي 3 الذي كسب أكثر من مليار دولار لم يدفع ضريبة لولاية
نورث كارولاينا التي ضيفته لأنها اعتبرته "كيانا تجاريا مؤقتا." رفض المشرعون
في "ساكرامنتو" عاصمة ولاية كاليفورنيا ومنهم الحاكم "جيري براون"
مناشدات هوليوود. يقول هؤلاء أن الولاية تمنح أصلاً قرابة 100 مليون دولار كائتمانات
سنوية للأفلام، بينما تمويل المدارس أقل من المطلوب. يعتقد الكثيرون أن الاستوديوهات
غير مهتمة كثيراً بإستعادة مجد لوس انجلس. واضطرت بعض الأستوديوهات مثل "يونيفرسال"
لتحويل الاراضي الى مدينة ملاهي بسبب خلوها أو ضعف استعمالها.يقول "توم شراك"
رئيس المكتب الجديد لصناعة الترفيه والانتاج أن لا أحد يستطيع سلب ماضي هوليوود. يشمل
ذلك الماضي رواية "يوم الجراد" للمؤلف "ناثانيل ويست" سنة
1939.
يحاصر الفنيون والبناؤون ومتعهدو الطعام العاطلون
عن العمل مكتب شراك طلباً للمساعدة حتى لا يصيبهم مصير شخصيات الرواية نفسها
معاناة انسانية
يواسي الممثلون المكافحون أنفسهم بقصة ارتداء الممثل
براد بيت زي دجاجة عملاقة لصالح سلسلة مطاعم "ال بولو لوكو" قبل دوره الناجح
في فيلم "ثيلما ولويس". هؤلاء الذين ينتظرون الطعام يضعون الدراما في وصفات
قائمة الأكل اذا اعتقدوا أن متناولي الغداء من المنتجين أو وكلاء توزيع الأدوار.
تواجه القطاعات كافة هذه المعاناة بسبب انخفاض مداخيل
مهن ذات تاريخ قديم. وخسر بعض العاملين في هذا القطاع منازلهم وزيجاتهم. كما سجلّت
شركة "فاريس ساراباند" وهي أكبر منتج عالمي للموسيقى التصويرية، 20 فيلماً
فقط في العام الماضي مقارنةً بأكثر من 100 فيلم قبل خمس سنوات. يبقى تفريغ هوليوود
خفياً على غير الغرباء. فعندما فازت شركة "ريثم وهيوز" من لوس انجلس بجائزة
اوسكار للمؤثرات البصرية عن فيلم "حياة باي"، كانت قلة من الناس تعلم أن
الشركة قدمت طلب اشهار افلاسها. واحتج مئات من فناني المؤثرات البصرية خارج الحفل ولكن
لم يسمح لهم الاقتراب من البساط الأحمر. بدا الأمر للمشاهدين في منازل هوليوود متلألئاً.
روري كارول/عن صحيفة الغارديان البريطانية
0 التعليقات :
إرسال تعليق