صورة الإسلام في المقاربة الأكاديمية الأوروبية: المقاربة الأكاديمية الهولندية نموذجا


كتاب جديد للباحث المغربي التجاني بولعوالي بعنوان (صورة الإسلام في المقاربة الأكاديمية الأوروبية: المقاربة الأكاديمية الهولندية نموذجا) ضمن سلسلة "دراسات استراتيجية" الصادرة عن مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية في دبي. وقد جاء في مقدمة الكتاب ما يلي:
تندرج هذه الدراسة في إطار البحث في ثنائية الإسلام والغرب؛ إذ عشت وعايشت مختلف التقلبات الاجتماعية والثقافية والسياسية والقانونية والاقتصادية التي شهدها الواقع الأوروبي عامة، والسياق الهولندي خاصة، منذ أواخر القرن الماضي. وتعتبر نظرة الإنسان الأوروبي الأصل إلى الآخر؛ أي المهاجر، الجنوبي، الأجنبي، المسلم...إلخ، من الأمور التي لم تسلم من تأثير تلك التقلبات المحلية والعالمية، وقد تجلى ذلك واقعياً في شتى الممارسات، وعلى مختلف المستويات والصعد؛ كالقانون والسياسة والإعلام والتعليم وغيرها، حيث تضافرت المواقف والتصريحات وردود الأفعال لتنسج، حسب مقاساتها ومعاييرها، الصورة التي تريدها للإسلام والمسلمين. وفي الحقيقة، هي صورة مغلوطة في الكثير من ملامحها، تنبني على الأحكام المسبقة والأفكار النمطية.
أمام هذا الوضع المتردي الذي صارت إليه صورة المسلمين في الغرب، ظهرت الكثير من المبادرات من كلا الطرفين: الغرب والمسلمين، تبحث في الأسباب العميقة التي تقف وراء ما يحدث، وتدعو إلى تصحيح هذا الوضع الذي قد يلحق الضرر بالجميع؛ مسلمين وغيرهم. وقد استجلى الكثير من الخبراء والباحثين في قضايا الإسلام والغرب أن أغلب الإشكالات التي تتخلل علاقة المسلمين بغير المسلمين في الغرب عامة، وفي أوروبا خاصة، متولدة بالدرجة الأولى عن الجهل المتبادل بين هذين الطرفين، وغياب المعرفة العلمية لديهم حول بعضهما البعض، مما يعمق الفجوة بين مختلف مكونات المجتمعات الغربية، ويزرع بذور التنافر بينها، فتُنتج الخوف والكراهية والعنف، بدلاً من التسامح والمحبة والتعايش.
ومن أجل تجاوز هذه المرحلة المحكومة بالحرب النفسية والتوتر، يتحتم تصحيح نظرة كل طرف إلى الطرف الآخر؛ نظرة الغرب إلى المسلمين والعكس كذلك. وثمة العديد من المجالات التي يمكن أن تستثمر لتحقيق هذا المقصد، كالمجال الأكاديمي (المؤسسات الجامعية والمراكز العلمية والبحثية الغربية)، لكونها تشكل حقلاً خصباً يزخر بمختلف الإمكانات التي تحفز على التعارف بين سائر مكونات المجتمع، ويتيح العديد من فرص النقاش والحوار والتلاقي الحضاري.
غير أنّ هذا المعطى العلمي لم يُستثمر بعد بشكل عقلاني من قبل المسلمين في أوروبا والغرب، للتعريف الموضوعي بحقيقة الدّين الذي يؤمنون به، والرد الهادئ على حملات الإساءة التي يتعرض إليها الإسلام والمسلمون. لذا، فإن هذه الدراسة تحاول أن تتجه في هذا المنحى الداعي إلى استثمار جهود المؤسسات الجامعية والعلمية الأوروبية، قصد تصحيح الصورة النمطية التي تكونت لدى الكثير من الأوروبيين والغربيين حول الإسلام، باستخدام الآليات اللغوية والبحثية والتواصلية التي تستخدمها تلك المؤسسات نفسها.

وقد عالجتُ موضوع الدراسة عبر ستة محاور أساسية، خصصت المحور الأول لتحديد مفهوم الصورة على المستويين اللغوي والاصطلاحي مع الوقوف عند أهم المقاربات الغربية المعاصرة لهذه المسألة كالسوسيو- نفسية والتأويلية (الهرمينوطيقية) والأكاديمية. وركزت في المحورين الثاني والثالث على البحث في موضوع علم الاستشراق بشقيه التقليدي والمعاصر، مع الإشارة إلى تزايد اهتمام هذا العلم بقضايا الإسلام والمسلمين لاسيما في المرحلة الأخيرة. وتناولت في المحور الرابع أهم آليات البحث العلمي الأوروبي، التي توظفها الجهات الرسمية والحكومية لضبط وضعية المسلمين في أوروبا. أما المحور الخامس، فقد تعرضت فيه إلى بعض ملامح الصورة التي يقدم بها الإسلام في المقاربة الأكاديمية الهولندية المعاصرة، وهي مقاربة تتخذ ثلاثة أبعاد أساسية: الإنصاف الموضوعي، والتجرد العلمي، ثم التحيز الأيديولوجي. في حين حاولت في المحور السادس الإحاطة بأهم الآليات التي تعتمدها المؤسسات الأكاديمية الهولندية في تناول قضايا الإسلام والمسلمين، مع الدعوة إلى استثمار هذه الإمكانات المتاحة بهدف تحقيق مقصد التعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين في أوروبا، والغرب عموماً. واختتمت الدراسة بمقترحات تعد بمنزلة آليات عملية وواقعية يمكن أن تسهم في إزالة الكثير من الشوائب العالقة في صورة الإسلام، وتصحيح العديد من الأحكام المسبّقة حول المسلمين.
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار