رحيل ممثل مغربي كبير : وداعا السي محمد الحبشي



علمت وأنا بمدينة خريبكة ، في اطار مهرجانها الدولي الخامس للفيلم الوثائقي ، بنبأ وفاة الممثل المغربي الكبير السي محمد الحبشي يوم الخميس 21 نونبر 2013 في الثانية زوالا بمنزله بحي عين الشق بالدار البيضاء . وفي اتصال هاتفي بوليد الحبشي ، ابن المرحوم ، أخبرني هذا الأخير بأن جثمان والده ووري الثرى بعد صلاة يوم الجمعة 22 نونبر الجاري بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء ، كما أخبرني بأن حالة والده الصحية كانت تتراوح بين التحسن والتذبذب بعد اجرائه لعملية جراحية منذ شهور .
وبمجرد علمي ، من أحد أصدقائي الصحفيين ، بخبر وفاة هذا الممثل العملاق أخبرت ادارة المهرجان المذكور بهذا المصاب الجلل وتمت قراءة الفاتحة على روحه الطاهرة قبل انطلاق عروض المسابقة في الخامسة من مساء نفس يوم الوفاة . رحم الله فقيدنا العزيز وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان ، وانا لله وانا اليه راجعون .
ومعلوم أن تجربة السي محمد الحبشي (1939 – 2013) في التشخيص انطلقت في منتصف الخمسينات من القرن الماضي في اطار الفرق المسرحية الهاوية بدرب السلطان ، والتحق بعد ذلك بفرقة عبد القادر البدوي سنة 1957 حيث اشتغل الى جانب الممثل محمد الخلفي والراحلين مصطفى التومي وأحمد الناجي في بعض الأعمال المسرحية قبل أن يتم قبوله من طرف وزارة الشبيبة والرياضة ، بعد اجتياز مباراة ، ليستفيد من تكوين مسرحي رصين الى جانب ثلة من الفنانين المغاربة كان من بينهم في دفعته عبد الله العمراني ومليكة العماري .
يذكر أن ريبيرتوار الراحل ورصيده الفني مليىء بالمسرحيات والأفلام السينمائية وبعض الأعمال التلفزيونية المغربية والعربية والدولية ، ويكفي أن نشير الى بعض عناوين فيلموغرافيته السينمائية لندرك قيمته الفنية والبصمة التي بصم بها حضوره كممثل في أفلام أصبحت تشكل علامات بارزة في تاريخنا السينمائي ، فمن من متتبعي الابداع السينمائي المغربي لا يذكر أفلاما من قبيل " ليالي أندلسية " من اخراج القيدوم العربي بناني سنة 1962 ، الذي شخص فيه الراحل الحبشي دورا متميزا الى جانب عبد الله العمراني والراحل عبد السلام العمراني وآخرين ؟ ، وقد تزامنت انطلاقته السينمائية المغربية هته مع انطلاقة دولية عبر مشاركته بدور صغير الى جانب عمر الشريف وبيتر أوتول في فيلم " لورانس العرب " من توقيع دافيد لين سنة 1962 ، ومن منا يمكنه بسهولة نسيان فيلم  " شمس الضباع " من اخراج التونسي المتمكن رضا الباهي سنة 1974 ، والمصور بالمغرب بمشاركة ممثلين مغاربة كصلاح الدين بنموسى والراحلين العربي الدغمي وأحمد العماري وغيرهم الى جانب ممثلين تونسيين والممثل المصري القدير محمود مرسي ، حيث أعجب الباهي بتلقائية وقوة أداء الحبشي ولم ينساه أبدا رغم مرور أربعين عاما على انجاز هذا الفيلم ، كما صرح لي بذلك في لقاء جمعني به في مهرجان سينما الشعوب بايموزار كندر منذ سنتين أو ثلاث . ومن منا لا يتذكر أفلامه الأخرى " رماد الزريبة " سنة 1976 ، وهو عمل جماعي شارك في انجازه مصطفى وعبد الكريم الدرقاوي وعبد القادر لقطع وسعد الشرايبي والراحل محمد الركاب وآخرين ، و" عرس دم " من اخراج سهيل بنبركة سنة 1977 ، و " السراب " من اخراج المبدع الرقيق الراحل أحمد البوعناني سنة 1979 ، و" 44 أو أسطورة الليل " من اخراج مومن السميحي سنة 1981 ، و " حلاق درب الفقراء " من اخراج الراحل محمد الركاب سنة 1982 و " بامو " من اخراج ادريس المريني سنة 1984 ؟
لقد عانا الراحل الحبشي من الشروط الصعبة والمجحفة التي كان يمارس فيها عشقه للتشخيص المسرحي والسينمائي والتلفزيوني ، وما أن تحسنت شروط عيشه نسبيا بفضل ما خلفه له والده من أملاك بعد وفاته حتى انسحب في صمت من الميدان الفني تاركا الجمل بما حمل ، ولم تنفع معه الكثير من محاولات المخرجين المقدرين لقيمته الكبرى كممثل ليشارك في أعمالهم باستثناء محاولة الممثلة الكبيرة ثريا جبران التي أقنعته بمشقة النفس ليشارك معها في سيتكوم " لاباس والو باس " من اخراج حسن غنجة سنة 2005 لفائدة قناة دوزيم ، الى جانب  ثلة من الممثلين الآخرين كمليكة العماري وعبد الوهاب الدكالي وبشرى أهريش وأمينة رشيد ومصطفى الزعري وغيرهم .
لم يكن الراحل محمد الحبشي ممثلا عاديا بل كان من طينة الممثلين الموهوبين الذين نادرا ما يجود الزمان بمثلهم ، فأعماله تشهد على تفرده ، وطبيعة المخرجين المثقفين (خصوصا رضا الباهي ومحمد الركاب وأحمد البوعناني ومومن السميحي ) الذين تعاملوا معه في أفلامهم تؤكد أن اختيارهم له كان في محله ، فحضوره في أعمالهم أعطاها ألقا خاصا وشكل سببا من أسباب نجاحها الابداعي .
ومن جميل الصدف أنني وجدت شبها كبيرا ، في الشكل والأداء ، بينه وبين الممثل القدير حسن بديدا الذي شخص باقتدار ملحوظ دور البطولة في الفيلم الأخير للمخرج الشاب المتميز هشام العسري " هم الكلاب " (2013) بعد مشاهدته والاستمتاع به أثناء عرضه بالدورة الأخيرة لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف ، ولعل حصول بديدا على جائزة أحسن تشخيص عن دوره في هذا الفيلم يذكرني بنفس الجائزة التي حصل عليها الراحل الحبشي عن دوره في الفيلم/العلامة " السراب " بالمهرجان السينمائي الوطني (أو المهرجان الوطني للفيلم ) في دورته الأولى المنعقدة بالرباط سنة 1982 .

خريبكة : أحمد سيجلماسي
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار