اتحاد كتاب المغرب يدعو إلى حوار وطني لحماية مكتسبات التحديث في مجتمعنا.


اتحاد كتاب المغرب يعبر عن انشغاله بمظاهر الارتباك الحاصلة في العمل السياسي بالمغرب
ويدعو إلى حوار وطني لحماية مكتسبات التحديث في مجتمعنا.
تعرف الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية في بلادنا، حالات فوران قوية، تنبئ بإمكانية حصول احتقانات اجتماعية. ويبدو أن استعادة لحظات الأمل في هذه المرحلة الصعبة، يمكن أن تقود المجتمع باتجاه تحصيل ما كان منتظرا من تباشير المرحلة الانتقالية، التي انخرط فيها مجتمعنا بعد الحراك الاجتماعي، الذي يشكل جزءا من التغيير الإصلاحي الذي شمل بعض البلدان العربية، منذ بدايات العام 2011.
ولم يكن خافيا أن خيارات النظام المغربي، تجسدت في القيام بإصلاحات دستورية، تعززت بانتخابات جديدة وضعت بلادنا في أفق إتمام مسار العدالة الانتقالية، الذي دشنته هيئة الإنصاف والمصالحة، زمن حكومة التناوب التوافقي، بمختلف مكاسبها وعوائقها وآفاقها.
وقد اتضح لاحقاً، أن ما جرى من تغيير في المشهد السياسي العام، لم يساهم في القطع كلية مع الخيارات السياسية السائدة، رغم إعلانات محاربة الفساد المتواصلة لفظياً. فالحكومة الحالية تبدو متعثرة عن إتمام الأوراش التنموية المفتوحة، وكذا في إطلاق مشاريع أخرى في ضوء إيجابيات التأطير الدستوري الجديد، بهدف النهوض بمجتمعنا وتجاوز عثراته، في السياسة والثقافة وفي الذهنيات، وبالرغم مما يتضمنه الدستور الحالي من مداخل، يمكن أن تساهم في النهوض بمجتمعنا وتجاوز عثراته، في السياسة والثقافة وفي الذهنيات، فإن ما حصل بعد الانتخابات الأخيرة أدى إلى بروز تجاذبات سياسية غير منتجة إطلاقا. ولعل أوضح تجل لتلك التجاذبات، سيادة النزعات الشعبوية لدى الفاعلين السياسيين، والتي قَلَّصت من أهمية العمل السياسي، وبالتالي أعادتنا بشكل من الأشكال إلى ما قبل دستور 2011، أي إلى ما قبل الحراك الاجتماعي الذي طال  بلادنا، أسوة بباقي المجتمعات العربية.
ويسجل اتحاد كتاب المغرب أن سنتين من الزمن السياسي لهذه الحكومة، القائمة في إطار الدستور الجديد، لم تطور مردودية الأوراش التي كانت مفتوحة من جهة، ولم تَعِد بأية برامج إصلاحية، قادرة على مغالبة سياسة الفساد المستشرية من جهة أخرى. هذا، فضلا عن أن قاطرة الثقافة والتربية والتعليم والسياسة، لم تتحرك باتجاه إنضاج المسارات القادرة على إنجاح المرحلة الانتقالية، وتفعيل الدستور الجديد بصورة إيجابية مُنتِجة.
 وإذا كان من المقبول أن تكون السنة الأولى من الطور الانتقالي، سنة ترتيب وتدبير أوليين للآفاق الجديدة، المنتظرة من عمليات الإصلاح والتنمية، فإن الأزمات التي تلاحقت في جسم الأغلبية الحكومية، أدت إلى إتلاف العلامات الدالة على الخيارات، الأقوى نجاعة والأكثر تاريخية. ذلك أن سيادة التردد في اتخاذ القرار الحكومي، إضافة إلى عدم القدرة على تصويب النظر وتحفيز الإرادة، كان من انعكاساته شيوع الجمود والانتظارية، خلال السنة الثانية من عمر الحكومة. هكذا، نجد أن الطريق تضيع إلى برامج واعدة، بالنظر إلى قدرتها على إنقاذ مجتمعنا، من مختلف أشكال التراجع التي عرفها الاقتصاد والسياسة، والتي انعكست سلبيا على شرائح واسعة في المجتمع.
أما المعارضة السياسية، فمن جهتها لم تستطع الاضطلاع بأدوارها، إلى حدود اليوم، سواء من خلال بناء برامج بديلة، قادرة على توقيف مسلسل الانتكاس، أو من خلال ابتكار آليات جديدة في التعبئة والعمل الجماعي. ولعل ما زاد الأمر تراجعاً، التوجهات الفكرية المحافظة، التي أصبحت السمة المهيمنة على الممارسة السياسية، وكذا تدبير الشأن العام في بلادنا.
وإذا كان الدستور الجديد قد خول المعارضة أدوارا، من بين عناوينها المشاركة والاقتراح، فإن النتائج المفترضة لهذه الأدوار، لم تتبلور في مشاريع عمل بديلة، من شأنها تفعيل المعطيات التي أوكلها الدستور للفاعل السياسي في مجتمعنا. وقد بات من نتائج ضمور المعارضة السياسية، تفاقم الأزمة في بلادنا على أكثر من صعيد، سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي.
 ويلاحظ المتابع لتدبير الشأن الثقافي وقضايا التربية والتعليم على سبيل المثال، جملة تناقضات، بل تراجعات مست المرفقين المذكورين. كما يلاحظ نفس المتابع أن هذا يحصل بمختلف تبعاته، في وقت يفترض أن يتجه فيه مجتمعنا، نحو توطين قيم المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان.
ومن المعلوم أن الشأن الثقافي وقضايا تحرير الأذهان، ظلت دائما تعاني من نظرة قاصرة، لا تعير الأبعاد الثقافية للإنسان الاهتمام اللازم، باعتبار أنها اليوم تعد أرضية ملائمة للتنمية والنهوض المجتمعي.
وقد كنا نتطلع في هذه المرحلة من تاريخنا، إلى مراجعات فكرية وسياسية، مكافئة لقوة الحراك الاجتماعي المتصاعد في بلادنا، لولا أن فاجأتنا إفرازات واقع سياسي يعاني من شلل مركَّب، ما يستدعي التفكير العاجل في إيجاد مخارج تجنبنا الوقوع في منزلقات عديدة.
وبناء على ما سبق، يدعو اتحاد كتاب المغرب، كافة الفاعلين في المشهد السياسي والثقافي، إلى ضرورة التفكير بعمق ومسؤولية في مخرج يجنب مجتمعنا أزمات تعيدنا إلى ما قبل الحراك الاجتماعي، الذي أثمر طوراً انتقاليا نعتقد أنه يؤهل مجتمعنا لتجاوز مظاهر الفساد  للانخراط في العهد الديمقراطي.
وفي سياق هذه الرؤية، يقترح الاتحاد إطلاق حوار وطني موسع، بخصوص الراهن المغربي ومآل الإصلاح في بلادنا. ومن المؤكد أن ذلك يتم تحقيقه، بهدف القيام بتشخيصات دقيقة، لمختلف مسارات التحول التي عرفتها بلادنا، في نهاية العقد الأول وبدايات العقد الثاني من الألفية الثالثة.. لعلنا نضع اليد على العِلَلِ العميقة الكابحة لخيارات التحديث في مجتمعنا.
 ولدينا قناعة راسخة في اتحاد الكتاب أن الحوار المذكور، يمكن أن يشكل أفقاً لصوغ أرضيةِ عملٍ، كفيلة بتخطي الارتدادات الحاصلة، والارتقاء نحو ما يمكِّن بلادنا من مواصلة المساعي الرامية إلى تحقيق التنمية والتقدم في مجتمع، تسوده قيم الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الأفراد والجماعات.

المكتب التنفيذي
شاركه

عن ABDOUHAKKI

هذا النص هو مثال لنص يمكن ان يستبدل في نفس المساحة ايضا يمكنك زيارة مدونة مدون محترف لمزيد من تحميل قوالب بلوجر.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أدب رقمي

حصريات

تكنلوجيا

بالصوت وصورة

سلايدر شو

.

صور فلكر

اخر الاخبار

:إبداع

عالم حواء

عن القالب

صفحتنا

اخر الاخبار